- 8219 زيارة

القطرات والمراهم في العين والأذن والأنف

يكثر السؤال في شهر رمضان عن حكم استعمال القطرات والمراهم في العين والأذن والأنف فنقول : أولاً بالنسبة للأذن : الأذن ليست منفذاً معتاداً إلى الجوف بمعنى أن الأذن لا توصل توصيلاً مباشراً إلى الجوف ، نعم هناك طريق موصل إلى الجوف عن طريق قناة استاكيوس لكن السوائل التي تقطر في الأذن لن تصل إلى الجوف عن طريق قناة استاكيوس إلا إذا كان هناك خرق أو ثقب بطبلة الأذن ، حينئذ يمكن القول بوصول القطرات إلى الجوف مع الوضع في الاعتبار صعوبة حصول هذا على أي حال .

الصورة مأخوذة عن نقلا عن الموقع الطبي earspecialtygroup.com

غشاء الطبلة يقف حاجزاً بين الأذن الخارجية والأذن الوسطى

 ثم يبقى بعد ذلك أمر آخر وهو مهم جدا في تناول قضية المفطرات وهو هل تعتبر المادة المقطرة غذاءً أو في حكم الغذاء ؟ إذن فالإجابة المرتضاة هي بالطبع بالنفي فمن المؤكد أن مادة كمادة النفازولين أو مادة كماة الكلوروفينيرامين ماليات أو غيرهما ليسوا بحال من الأحوال مما يعتبر غذاءً أو ما يكون في حكم الغذاء  وعليه فإن التقطير في الأذن لا يعتبر مفطرا بحال من الأحوال  ، وإذا كان الأمر كذلك في قطرة الأذن فهو بالنسبة إلى مراهم الأذن أولى لأنها أكثر لزوجة وأصعب في الوصول إلى الجوف.

وقد قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عندما سئل عن قطرة الأذن : [والصحيح: أن كل هذا لا يفطر به الصائم ومن المباحات أثناء الصيام في أصح قولي العلماء ].

قطرة العين :

أما قطرة العين فيوجد بين العين والأنف منفذ ضيق جدا يسمى( nasolacrimal duct)  أوالقناة الدمعية


 

الصورة مأخوذة عن موقع eyestat.com

السهم يشير إلى القناة الدمعية الأنفية

وهذه القناة الأصل فيها أن تكون مفتوحة وفي حالة انسدادها يعتبر هذا الوضع وضعاً مَرَضياً ويتم تشخيص انسداد أو انفتاح هذه القناة بتقطير قطرة أزرق الميثيلين ( methyline blue)

فإذا ظهر لون هذه القطرة في مؤخرة الأنف فهذا يعني انفتاح تلك القناة و العكس بالعكس.

ولكن يبقى هنا سؤال يفرض نفسه هل العين منفذ معتاد إلى الجوف ؟

والسؤال الثاني هل ما يقطر في العين يعتبر غذاءً أو ما يقوم مقام الغذاء؟

على أساس هذين السؤالين يتحدد الحكم في جواز أو عدم جواز استعمال قطرة العين أثناء الصيام ، ومما لا يخفى على أحد من المهتمين بقراءة فقه الصيام أن هذه الأمور مختلف فيها ويوجد من يقول بالمنع ويوجد من يقول بالإباحة ، ولكن بالنظر إلى مراعاة التضييق في دائرة المفطرات لا التوسع فيها، وباعتبار أن المفطرات هي الأكل والشرب وإنزال المني بشهوة والحجامة فإن الاتجاه الذي يغلب ويفرض رأيه هو القول بجواز استعمال قطرة العين لأنها ليست منفذا معتاداً للجوف كما أن ما يقطر فيها ليس من قبيل الغذاء.

وقد أفتى العديد من أهل العلم المعاصرين بجواز استعمال قطرة ومرهم العين مثل سماحة الشيخ ابن باز وفضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمهما  الله وكذلك أفتى فضيلة العلامة الدكتور القرضاوي حفظه الله بالجواز.

حيث كانت الأسئلة هكذا: هل يجوز استعمال قطرة العين في نهار رمضان‏؟‏

فكان الجواب :‏ نعم تجوز ولا تفسد الصوم على الصحيح من قولي العلماء.

 وقريب من ذلك الاكتحال فقد سئل العلماء السابق ذكرهم عنه حيث كان السؤال:هل يفطر الكحل في نهار رمضان أو لا‏؟‏.

فكانت الإجابات  : من اكتحل في نهار رمضان وهو صائم لا يفسد صومه.

قطرة الأنف :

هل يمكن للصائم أن يقطر في أنفه بقطرات الأنف دون أن يؤثر ذلك على صيامه؟

 الجواب : الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد ، الأنف منفذ طبيعي ومعتاد إلى الجوف  ولذلك يستعمل الأطباء منفذ الأنف في تمرير أنابيب للتغذية في بعض الأحوال التي يحتاج فيها المريض إلى تغذية خارجية في حالة عدم استطاعته تناول الغذاء بنفسه أو في حالة تعمد ضخ بعض المواد إلى معدته فالحاصل أنه إذا ضخت سوائل بطريقة توصلها إلى الجوف فقد أفطر الصائم بها ولا شك ، أما إذا قطرت نقطة واحدة في الأنف بحرص بحيث لا تقع هذه النقطة في الجوف فإن صاحبها لا يفطر بذلك لأن تأثير القطرة  في الحقيقة يكون بإحداث انقباض في الأوعية الدموية في منطقة الأغشية المخاطية (vasoconstriction ) مما يؤدي إلى تخفيف الاحتقان (decongestion) فإذا قل الاحتقان انفتحت المجاري الهوائية وارتاح المريض .

فالداعي لاستعمال قطرات الأنف هو الاحتقان الموجود في الأغشية المخاطية ، وهذا الاحتقان يمكن أن يزول بطرق أخرى غير القطرة وهي تناول أقراص تقوم بنفس العمل ويبقى أثرها قرابة 12 ساعة حسب ما هو مدون في النشرات الطبية المرافقة لهذه الأقراص ولكن في الواقع فإن أثر هذه الأقراص يستمر لمدة 6-8 ساعات بكفاءة ثم يقل بعد ذلك وعليه فإذا كان الاحتقان خفيفاً ويمكن تحمله فيفضل عدم وضع القطرة أو يمكنه تناول قرص من أقراص إزالة الاحتقان قبل أذان الفجر مباشرة  ، أما إذا احتاج المريض فعلا إلى القطرات فإن بعض أهل العلم من المعاصرين منعها وبعضهم أجازها فمن منعها كانت حجته أن الأنف  منفذ معتاد إلى الجوف وتقطير شيء فيه هو مظنة سقوط هذا الشيء في الجوف واستندوا إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما).

والذين أباحوها قالوا إن الأمر متوقف على سقوط السائل في الجوف فإن لم يسقط فهو لا يزال صائماً وإن سقطت القطرات فقد أفطر ، وضموا إلى القطرة دواء الغرغرة ومعجون الأسنان وما شابه ذلك فكل هذا قالوا فيه إن لم يصل السائل  إلى الجوف فلا فطر ، وعليه يمكنني أن أنصحك أخي المريض باحتقان الأنف بالآتي :

1-  تناول قرصا من أقراص إزالة الاحتقان قبل الفجر مباشرة فهذا سيعطيك بإذن الله فترة من الارتياح وعدم الانسدداد قد تصل إلى 8 ساعات.

2-  إذا وجدت أنه يمكنك الاستمرار في الفترة الباقية دون استعمال قطرة الأنف فهو أفضل خروجاً من الخلاف وأخذاً بالأحوط ومراعاةً  لأقوال أهل العلم.

3-  وأنصحك أخي بعدم التعامل مع الأنف بالأصبع لأن هذا لا يزيده إلا احتقاناً.

4-  فإذا وجدت أن الانسداد في الفترة الباقية ما زال قوياً ومزعجاً فيمكنك وضع القطرة بحرص دون أن تخفض رأسك إلى الوراء حتى لا تقع القطرة في الجوف.

5-  و يجب عليك أن تستنثر أولاً لتنظيف الأنف من الإفرازات لتضمن أفضل كفاءة للقطرة.

6-  ثم ضع نقطة واحدة فقط في إحدى الفتحتين مع مراعاة الصغط بإصبعك على الأنف من الخارج وذلك لسببين أولهما ضمان عدم سقوط القطرة في الجوف والثاني لإبقاء القطرة موضعياً على الأغشية المخاطية وهي الموضع المطلوب التأثير عليه ، أما سبب وضع نقطة واحدة فذلك لأن نقطة تعمل عمل النقطتين والثلاث وكذلك نضع نقطة واحدة كي نبعد احتمالات الوصول للجوف.

7-  وسيبقى أثر هذه القطرة مدة 3-4 ساعات تقريبا فإذا كانت هناك ضرورة بعد ذلك للمزيد من القطرة فضع في الناحية الثانية نقطةً واحدةً فقط أيضاً وبذلك تكون قد استغرقت وقت الصيام.

8-  ولكن إذا وجدت أثر القطرة في حلقك ومرارة طعمها في جوفك فقد أفطرت على الرأي الغالب من أقوال أهل العلم المعاصرين.

9 -  وعموماً إذا كان هذا الأمر يشق عليك فأنت من المعذورين لقول الله عز وجل (ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) فلك أن تفطر وتتقن العلاج ثم تعود سالماً معافىً بإذن الله في القريب إلى الصيام أسأل الله أن يمن على كل مريض بالشفاء .

 

 

Top