الصورة مأخوذة عن موقع brucerosemanmd.com
منظار الفحص الشرجي
وقد سبق أن بين أن العلماء ينقسمون في قضية الصيام ومسببات الإفطار غلى فريقين : فريق يرى أن الذي يبطل الصيام هو الأكل والشرب وما يقوم مقاهما من مغذيات ، والجماع ، والحجامة للنص عليها.
والفريق الثاني يتوسع فيرى أن الصائم يفطر بكل ما دخل في جوف من الأجواف المعتبرة سواء كان هذا الذي دخل طعاماً أوشراباً أوغيره فعند هؤلاء يفطر الصائم بكل ما سبق ذكره من إجراءات الفحص الشرجي وغيرها.
أما من يرى التأني فيقول أنه إذا كان هذا الإجراء سينتج عنه ضخ لمواد مغذية تقوم مقام الأكل والشرب فهو يفطر بذلك وإلا فلا.
ومن هؤلاء سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله حيث سئل عن الحقنة الشرجية فقال :
[ حكمها عدم الحرج في ذلك إذا احتاج إليها المريض في أصح قولي العلماء، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – وجمع كثير من أهل العلم لعدم مشابهتها للأكل والشرب].
وهو مستفاد من كتاب تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام لابن باز رحمه الله تعالى (ص: 182).
وفي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية قال :[الحقنة الشرجية وقطرة العين والأذن وقلع السنّ ومداواة الجراح كل ذلك لا يفطر .] مجموع فتاوى شيخ الإسلام 25/233 ، 25/245 .
وقال شيخ الإسلام أيضا : قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والأظهر أنه لا يفطر بشيء من ذلك، فإن الصيام من دين المسلمين الذي يحتاج إلى معرفته الخاص والعام، فلو كانت هذه الأمور مما حرمها الله ورسوله في الصيام، ويفسد الصوم بها، لكان هذا مما يجب على الرسول بيانه، ولو ذكر ذلك لعلمه الصحابة، وبلَّغوه الأمة كما بلَّغوا سائر شرعه، فلما لم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك لا حديثاً صحيحاً ولا ضعيفاً ولا مسنداً ولا مرسلاً عُلِمَ أنه لم يذكر شيئاً من ذلك".
وقال أيضا : إنّ الأحكام التي تحتاج الأمة إلى معرفتها لا بد أن يبينها الرسول صلى الله عليه وسلم بياناً عاماً، ولا بد أن تنقلها الأمة، فإذا انتفى هذا، عُلِمَ أنّ هذا ليس من دينه.
وقال فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي : [ ومثل ذلك الحقنة الشرجية هذه كلها أشياء ربما يصل بعضها إلى الجوف ولكنها لا تصل إلى الجوف من منفذ طبيعي وليس من شأنها أن تغذي ولا أن يشعر الإنسان بعدها بانتعاش أو نحو ذلك ، وقد اختلف العلماء قديمًا وحديثًا في شأنها ما بين متشدد وما بين مترخص . فمن العلماء من حكم بأن هذه الأشياء مفطرة ، ومن العلماء من قال بأن هذه الأشياء ليست منفذًا طبيعيًا إلى الجوف فهي لذلك لا تفطر ، والحقيقة أني أختار أن هذه الأشياء أعني استعمال الكحل ومثله القطرة في العين ومثل ذلك التقطير في الأذن وكذلك وضع المراهم ونحوها في الدبر لمن عنده مرض البواسير وما شابه ذلك ... والحقنة الشرجية أيضًا .. وهي التي يستعملها من يشكو الإمساك كل هذه الأمور أرى أنها لا تفطر، وهذا الذي أُفْتِى به هو ما اختاره ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية في (فتاويه) ، فقد ذكر تنازع العلماء في هذه الأشياء ثم قال: والأظهر أنه لا يفطر بشيء من ذلك ] أ.هـ كلام الدكتور القرضاوي.
وبالطبع تكون بقية الإجراءات مثل إدخال منظار وخلافه أهون من أمر الحقنة الشرجية.
الصورة مأخوذة عن موقع www.nlm.nih.gov
أخذ عينة من الأنسجة بالمنظار
وعليه أقول : الحقنة الشرجية لا تفطر إلا إذا استخدمت لضخ سوائل مغذية وهذا أمر نادر وإذا احتيج إليه فإن المريض عادة يكون في حالة صحية سيئة لا تسمح له بالصيام أصلاً ، كما أقول أنه طالما أمكن تأجيل هذه الإجراءات إلى ما بعد الإفطار فهو أفضل خروجاً من الخلاف وطلباً للأحوط واحتراماً لأقوال العلماء ومراعاةً لحرمة الشهر والله أعلم.