- 172 زيارة

الإمام خلف البزار (خلف العاشر)

قيم الموضوع
(0 أصوات)

اسمه ونسبه:

الثقة الكبير الزاهد العابد العالم الإمام خلف بن هشام بن ثعلب ابن خلف، أبو محمد الأسدي البغدادي البزار، أحد القراء العشرة المعروفين، وأحد الرواة عن سليم عن حمزة الزيات.
أصله من (فم الصلح) والصلح كورة فوق واسط لها نهر يستمد من دجلة على الجانب الشرقي يسمى (فم الصلح).

 

مولده ونشأته العلمية:

ولد سنة (١٥٠ هـ) وعرف منذ صغره بالذكاء والنباهة، فقد أتم حفظ القرآن وهو ابن عشر سنين، وهي سنّ مبكرة، حفظ القرآن عندها كثير من العلماء المتقنين وهذا يعني أهمية العناية بالصغار ليحفظوا ويتقنوا، لأن أذهانهم أقدر على الحفظ والاستظهار.
وبدأ بطلب العلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة، فبرع وتقدم حتى شهد له سليم ابن عيسى صاحب حمزة بأنه لم يخلف ببغداد من هو أقرأ منه.
وقد أعانه على طلب العلم همة وقادة وقلب سئول، ورغبة قوية في التعلم والتلقي والأخذ عن العلماء، وكان له من الغنى واليسار ما يذلل له الصعوبات التي كثيرا ما تكون عقبة أمام طلبة العلم.
وكان سخيا بماله، يبذله على التعلّم وفهم المسائل، حتى ليكاد من يطالع سيرته يرميه بالإسراف، ومما يدل على ذلك قوله:
«أشكل عليّ باب من النحو فأنفقت ثمانين ألف درهم حتى حفظته أو قال عرفته» ويدل على ذلك أيضا أنه كان يكلف الوراقين بالكتابة له، بل كان له ورّاق مختص به هو أحمد بن إبراهيم المعروف ب (ورّاق خلف) وكذا أخوه إسحاق بن إبراهيم الذي روى عن خلف اختياره.
ولم يقتصر خلف في طلبه على مدرسة واحدة من مدارس القراء بل أخذ قراءة أهل المدينة عن إسحاق المسيبي عن نافع بن أبي نعيم، وقراءة أهل مكة عن عبيد بن عقيل عن شبل بن عباد عن ابن كثير، وقراءة أهل البصرة عن عبد الوهاب بن عطاء عن أبي عمرو البصري وقراءة عاصم الكوفي عن يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش عن عاصم، وأخذ عن سليم عن حمزة، وقال خلف أيضا: كنت أحضر بين يدي عليّ بن حمزة الكسائي وهو يقرأ على الناس، وينقطون مصاحفهم بقراءته.
وقد بلغ من حرصه وشدة تحريه أنه قال: قرأت على سليم بن عيسى القرآن مرارا كثيرة، وكنت أسأله عند الفراغ من القرآن، أأروي عنك بهذه القراءة التي قرأتها عليك عن حمزة؟ فيقول: نعم، قال: وسمعته يقول: قرأت القرآن على حمزة عشر مرات.

 

قراءته واختياره:

كان حرص العلماء على تلقي قراءة خلف والأخذ عنه دليلا على ثقتهم بعلمه وصحة نقله وروايته، بل كان بعضهم يرى أن خلفا أضبط الناس للقراءة وأقومهم بها، قال مسلمة بن عاصم (صاحب الفرّاء): «كتبت الحروف من غير وجه، ما اعتمدت إلا على ما حدّثني به خلف بن هشام البزار، لأنه يقرأ كيف أخذ وكيف أدّى» ولأنه كان من العلماء بوجوه القراءات واختلاف الروايات فقد «اختار اختيارا حسنا غير خارج عن الأثر» والمقصود أنه استقل بقراءة يقرأ بها حتى صارت منهجا ومدرسة، بعد أن كان راويا من رواة قراءة حمزة.
وفي اختياره خالف حمزة في مائة وعشرين حرفا.
قال ابن الجزري: «تتبعت اختياره فلم أره يخرج عن قراءة الكوفيين في حرف واحد بل ولا عن حمزة والكسائي وأبي بكر إلا في حرف واحد وهو قوله تعالى في الأنبياء: (وحرام على قرية) قرأها كحفص والجماعة بألف، وروى عنه أبو العز القلانسي في إرشاده السكت بين السورتين فخالف الكوفيين».
واشتهرت قراءة خلف شهرة فائقة في بعض البلاد، وفي هذا يقول أبو الحسن محمد بن عبد الله النقاش الحربي:
فأول من قرأت عليه إسحاق بن إبراهيم المروزي وقرأ على خلف وقرأ على سليم وقرأ على حمزة وكان لا يقرأ ولا يقرئ إلا بهذا الحرف لا يحسن غيره، فخلفه ابنه محمد فقرأت عليه أيضا ... وقرأت بعده على جماعة منهم أبو الحسن علي بن محمد بن نيزك، وأبو الحسن محمد بن إبراهيم، وإبراهيم بن إسحاق المعروف بغلام جلّان، وأبو بكر بن أسد المؤدب باختيار خلف كله.

قال: ولم يكن يعرف عندنا بالربض غير اختياره ولا يقرأ إلا به.

 

شيوخه:

أما شيوخه الذين قرأ عليهم فهم كثيرون منهم سليم بن عيسى، وعبد الرحمن بن أبي حماد، ويعقوب بن خليفة الأعشى، وأبو زيد سعيد بن أوس، وروى الحروف عن إسحاق المسيبي، وإسماعيل بن جعفر، وعبد الوهاب بن عطاء، ويحيى بن آدم، وعبيد بن عقيل، وروى رواية قتيبة عنه، وسمع من الكسائي الحروف، ولم يقرأ عليه القرآن.
قال أبو علي الأهوازي في مفردة الكسائي قال الفضل بن شاذان عن خلف: إنه قرأ على الكسائي، والمشهور عند أهل النقل لهذا الشأن أنه لم يقرأ عليه وإنما سأله عنها وسمعه يقرأ القرآن إلى خاتمته وضبط ذلك عنه بقراءته عليهم.

 

تلاميذه:

روى عنه القراءة كثيرون عرضا وسماعا، فمنهم: ورّاقة أحمد بن إبراهيم، وأخوه إسحاق بن إبراهيم، وإبراهيم بن علي القصار، وأحمد بن يزيد الحلواني، وإدريس بن عبد الكريم الحداد، وأحمد بن زهير، وسلمة بن عاصم، وأحمد بن البرائي، وعبد الله بن عاصم شيخ الغضائري، وعلي بن الحسين بن سلم ومحمد بن إسحاق شيخ ابن شنبوذ، ومحمد بن الجهم، ومحمد بن مخلد الأنصاري، ومحمد بن عيسى، والفضل بن أحمد الزبيدي، وعلي بن محمد بن نازك، وإبراهيم ابن إسحاق، ومحمد بن إبراهيم، ومحمد بن سعيد الضرير، وأبو بكر بن أسد المؤدب، وعبيد بن عقيل، وعبد الوهاب بن عطاء، وموسى بن عيسى، وأبو الوليد عبد الملك بن القاسم، وعمر بن فائد فيما ذكره الهذلي.
وكان رجلا صدوقا صالحا كثير العلم والرواية عن السلف، عالما بوجوه قراءات الأئمة وله كتاب حسن صنفه في القراءات.

 

وفاته:

توفي ببغداد سنة ٢٢٩ هـ وهو مختف من الجهمية. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه عن الإسلام والقرآن خير الجزاء.

 

 

 

المزيد في هذا القسم : « رَوْح إسحاق »
Top