- 138 زيارة

شعبة

قيم الموضوع
(0 أصوات)

اسمه ونسبته وكنيته ومولده:

شعبة بن عيَّاش بن سالم الأسديِّ الكوفيِّ الحَنَّاط، أبو بكر، مولى واصل بن الأحدب، وقد اختلف في اسمه على أقوال، أصحُّها: شعبة، ولد سنة (95ه)، وقد عُمِّرَ دهراً طويلاً.

 

مكانته وعلمه:

أحد رواة القُرَّاء السبعة، إمام عَلَمٌ كبير، مُقرئ عالم حجَّة، من كبار أئمة السنة وفقهائها، كثير العلم والعمل، منقطع النظير، زاهد ورع، كان يقول عن نفسه: أنا نصف الإسلام.
قرأ على عاصم بن أبي النَّجود القرآن ثلاث مرات، وينتهي سنده في القراءة عليه إلى ابن مسعود رضي الله عنه.

 

مناقبه ومواقفه وأقواله:

قال عنه أحمد بن حنبل: صاحب قرآن وخير.
وقال ابن المبارك: ما رأيتُ أحداً أسرع إلى السُنَّة من أبي بكر بن عيَّاش.
وقال عنه الحافظ يعقوب بن شيبة: كان أبو بكر معروفاً بالصَّلاح البارع، وكان له فقه وعلم بالأخبار.
وقال يزيد بن هارون: كان أبو بكر خَيِّرَاً فاضلاً، لم يضع جنبه إلى الأرض أربعين سنَة.
أمَّا يحيى بن معين فقال: لم يُفْرَش لأبي بكر فراشٌ خمسين عاماً.
ورُوِي أنَّه مكث أربعين سنة أو نحوها يختم القرآن في كلِّ يوم وليلة.
وقال عبدالله بن أحمد بن حنبل: قال لي أبي: رأيتُ أبا بكر بن عياش بالكوفة يوم الجمعة، جاء إلى المسجد على حِمَار، فنزل ثمَّ جاء إلى سارية من سواري المسجد، فما زال قائماً يصلِّي، ثمَّ حَسَر عن كُمِّ قميصه، فنظرتُ إلى ساعده ما بقي عليه إلا الجِلد على العظم، فتعجَّبتُ من صبره على القيام وضعفه.
ومن مواقفه التي تدلُّ على صدقه ونُصْحِهِ: أنَّ هارون الرشيد أحضره من الكوفة، فجاء ومعه وكيع بن الجراح يقوده، فأدناه من الرشيد، فقال له: أدركتَ أيام بني أمية وأيامنا، فأيُّنا خير؟ قال: أولئك كانوا أنفع للنَّاس، وأنتم أقوم للصَّلاة، فصرفه الرشيد وأجازه بستة آلاف دينار، وأجاز وكيعاً بثلاثة آلاف دينار.
ومن أقواله: ما سبقكم أبو بكر بكثير صلاة ولا صيام لكن بشيء وَقَرَ في صدره.
وقال: أدنى نفع السكوت السلامة، وكفى بها عافية، وأدنى ضرر المنطق الشهرة، وكفى بها بليَّة.
وقال: الدخول في العلم سهل، والخروج منه إلى الله شديد.
وقال سفيان بن عيينة: قال لي أبو بكر بن عياش: رأيت الدنيا في النوم عجوزًا مشوَّهة.

 

شيوخه في القراءة:

من أبرز شيوخ أبي بكر بن عياش في القرآن عاصم بن أبي النَّجود، فقد قال: تعلَّمتُ من عاصم القرآن كما يتعلَّم الصبيُّ من المُعلِّم، فلقي منِّي شدة، فما أُحسِنُ غيرَ قراءتِه.
وقال مرَّة: تعلَّمتُ من عاصم خمْسَاً خمْسَاً، ولم أتعلَّم من غيره، ولا قرأتُ على غيره، واختلفت إليه نحواً من ثلاث سنين، في الحَرِّ والشتاء والأمطار، حتى ربما استحييت من أهل مسجد بني كاهل.
ثم قال: فكنت إذا فرغت منها يقول: خذها إليك فهي خير مما طلعت عليه الشمس، ولهي خير من الدنيا وما فيها.
وقد قال له عاصم مَرَّةً حين سمع قراءته: احمد الله، فإنك قد جئتَ وما تُحسن شيئاً، فقال له أبو بكر بن عياش: إنَّما خرجتُ من الكُتَّاب ثمَّ جِئْتُ إليك.
وقال عن شيخه: ما رأيتُ أقرأ من عاصم، فقرأت عليه، وما رأيت أفقه من المغيرة فلزمْتُه.
وقد ضعَّف الذهبي رواية عرضه للقرآن على عطاء بن السائب، وأَسْلم المِنْقَري.

 

رواة القراءة عنه:

أبرز الرواة عنه في القرآن: أبو يوسف يعقوب بن خليفة الأعشى، وعبد الرحمن بن أبي حماد، وعروة بن محمد الأسدي، ويحيى بن محمد العُلَيمي، وسهل بن شعيب، قال أبو عمرو الداني: ولا يُعْلَم أحدٌ عرض عليه القرآن غير هؤلاء الخمسة.
إلاَّ أنَّه روى عنه الحروف سماعاً عدد من القُرَّاء، من أبرزهم: أبو الحسن الكسائي، ويحيى بن آدم.

 

منزلته في الرواية والحديث:

حدَّث أبو بكر بن عيَّاش عن: حبيب بن أبي ثابت، وعاصم بن أبي النَّجود، وأبي إسحاق السَّبِيعي، وإسماعيل السديِّ، وعبد الله بن عمير، والأعمش سليمان بن مهران، وغيرهم.
وحدَّث عنه خلق لا يُحصون، منهم: عبدالله بن المبارك، وأبو داود الطيالسي، وأحمد بن حنبل، وعلي بن محمد الطنافسي، ويحيى بن معين، ووكيع بن الجراح، وإسحاق بن راهويه، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأحمد بن عبد الجبار العطاردي، والحسن بن عَرَفة، وغيرهم.
وقد أخرج له البخاري وأصحاب السنن، إلاَّ أنَّهم اختلفوا في توثيقه، فذهب الأكثرون إلى توهينه، ووثَّقَه بعضهم، مع اتفاق الجميع على أنَّه ثِقَة ثبتٌ ضابط في القراءة.
قال أحمد بن حنبل: صدوق ثقة صاحب قرآن وخير، وقال: كان يحيى بن سعيد لا يعبأ بأبي بكر، وإذا ذُكِرَ عنده كلح وجهه.
وقال أبو حاتم: أبو بكر وشريك في الحفظ سواء، غير أنَّ أبا بكر أصحُّ كتاباً، وقال ابن أبي حاتم: قلت لأبي: أبو بكر بن عيَّاش وعبد الله بن بشر الرّقي، قال: أبو بكر أوثق منه وأحفظ.
وقال يحيى بن معين: ثقة.
وقال علي بن المَدِيني: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: لو كان أبو بكر بن عيَّاش بين يدي ما سألتُه عن شيء.
وقال يعقوب بن شيبة الحافظ: في حديثه اضطراب.
وقال أبو نُعَيْم الفضل بن دكين: لم يكن في شيوخنا أحدٌ أكثر غلطاً من أبي بكر.
وقد ذكره ابن حِبَّان والعِجلي في الثقات.
قال الذهبي: وقد اعتنى أبو أحمد بن عَدِيّ بأمر أبي بكر، وقال: لم أر له حديثًا منكرًا من رواية ثقة عنه.
إلاَّ أنَّ الذهبي قال بعد ذلك: أمَّا الحديث فيأتي أبو بكر بغرائب ومناكير، وأشار إلى بعضها.

 

وفاته:

توفي في الكوفة سنة (193 هـ)، عن ست وتسعين سنة، بعد عمر طويل في طاعة الله، وقد قطع الأقراء قبل موته بسبع سنين، وقيل بأكثر، ولما حضرته الوفاة بكت أختُهُ فقال لها: ما يُبْكِيك؟ أنظري إلى تلك الزاوية، فقد ختمت فيها ثمان عشرة ألف ختمة.

 

 

 

Top