- 5033 زيارة

تابع سلسلة حقوق الإنسان في الإسلام ...حق الضعفاء

قيم الموضوع
(0 أصوات)

تابع سلسلة حقوق الإنسان في الإسلام ...حق الضعفاء

 

من أهم ألوان الحفاظ على الكرامة الإنسانية في الإسلام الحفاظ على حق الضعفاء ، فإن كان للقوي جسد يحميه ويد يبطش بها  فليس للضعيف ذلك بل له دين قويم يستحق بسببه أن نحفظ له كرامته مهما بلغ ضعفه.

والقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ووصايا الخلفاء الراشدين كلها مليئة بالوصية بالضعفاء.

فكلنا نولد ضعفاء  نحتاج إعانة الآخرين واهتمامهم ورعايتهم  ثم يرزقنا الله القوة  ويمنحنا إياها لنقوم برد الجميل وشكر النعمة فنؤدي نفس الدور الذي قام به غيرنا  معنا فنعين الآخرين من الضعفاء  ونهتم بهم ونرعاهم ثم نرد مرة أخرى إلى الضعف لنحتاج مرة أخرى إلى إعانة الآخرين واهتمامهم ورعايتهم  .

وقد يطرأ علينا الضعف أثناء مراحل قوتنا لأسباب قد تكون طارئة ووقتية مآلها إلى الزوال بعد فترة كحال ابن السبيل ، والرجل الذي ضل طريقه في أرض الضلال ، ومن لزمه  دين ، وقد تطول فترات الضعف لتبقى شهورا وأعواما كحال من ابتلي بالمرض العضال وحال من ابتلي بإعاقة جسدية أو ذهنية مزمنة وحال الأرملة الثكلى واليتيم ... إلى آخره

وكل هؤلاء الضعفاء يحتاجون إلى الرعاية والاهتمام حفظا لكرامتهم كل حسب حاله وحسب ما يعينه ويحفظ له هذه الكرامة التي هي ماء حياة المسلم .

·         فقد رفع القرآن عن الضعفاء الحرج العام والحرج الخاص في أمر الجهاد والقتال فقد قال تعالى : { ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم } التوبة 91  ، وقال جل من قائل: { ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذابا أليما } الفتح 17

·         وقد ذكر الله تبارك وتعالى كل البشر بأن الإنسان خلق ضعيفا ذلك لكي لا يغتر قوي بقوة مُنِحَها من الله ليس له فيها عمل فقال تعالى : { يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا } النساء 28

·         وبين الله تبارك وتعالى أن الضعف مرحلة أصيلة في حياة الإنسان فقال جل من قائل : { الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير } الروم 54

·         وبين الله تبارك وتعالى مراحل الضعف في حياة الإنسان بأنها مراحل الطفولة والشيخوخة إضافة إلى المرض الذي لا يعرف مرحلة سنية معينة فقال تعالى : { يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج} الحج 5 ،  وقال :{ ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون } يس 68

·       وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (ابغوني الضعفاء فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم) رواه ابو داود بإسناد حسن

·       وقد مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم الضعفاء واعتبرهم من اهل الجنة إذا آمنوا وعملوا الصالحات ، فقد روى البخاري ومسلم عن حارثة بن وهب الخزاعي  رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ألا أدلكم على أهل الجنة ؟ كل ضعيف متضعف ، لو أقسم على الله لأبره ، وأهل النار : كل جواظ عتل مستكبر)

·       وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن من أهم هذه الشرائح الضعيفين وهما اليتيم والمرأة: فقد ورد عن أبي هريرة وأبي شريح الخزاعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اللهم إني أحرج حق الضعيفين ، اليتيم والمرأة ) رواه النووي في رياض الصالحين ورواه الألباني في السلسلة الصحيحة

 

فما هي الفئات التي يمكن أن نَعُدَّها من الضعفاء ؟

الفئات كثيرة ومنها :

 

1-            المرضى : على اختلاف أنواعهم وعلى رأسهم ذوو الأعذار الشديدة المقعدة عن الحركة والسعي على الرزق كالأعمى والمعاق والأخرق ففي ذلك وصايا عدة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنها حديث أبي ذر فعن أبي ذر أبي ذر الغفاري أنه قال : ( سألت النبي صلى الله عليه وسلم : أي العمل أفضل ؟ قال : إيمان بالله ، وجهاد في سبيله . قلت : فأي الرقاب أفضل ؟ قال : أغلاها ثمنا ، وأنفسها عند أهلها . قلت : فإن لم أفعل ؟ قال : تعين صانعا ، أو تصنع لأخرق. قال : فإن لم أفعل ؟ قال : تدع الناس من الشر ، فإنها صدقة تصدق بها على نفسك) . رواه البخاري ، وحث على قيادة الأعمى ومساعدته  ففي حديث جامع مروي عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه وأورده الألباني في السلسلة الصحيحة وقال إسناده صحيح على شرط مسلم  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :   ( على كل نفس طلعت فيه الشمس صدقة منه على نفسه ، قلت يا رسول الله من أين أتصدق و ليس لنا أموال ؟ قال : لأن من أبواب الصدقة التكبير ، و سبحان الله ، و الحمد لله ، و لا إله إلا الله ، و أستغفر الله ، و تأمر بالمعروف ، و تنهى عن المنكر ، و تعزل الشوكة عن طريق الناس و العظمة و الحجر ، و تهدي الأعمى ،     و تُسْمِعُ الأصم و الأبكم حتى يفقه ، و تدل المستدِل على حاجة له قد علمت مكانها ، و تسعى بشدة ساقيك إلى اللهفان المستغيث ، و ترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف ، كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك ، و لك في جماعك مع زوجتك أجر ، قال أبو ذر : كيف لي أجر في شهوتي ؟ فقال : أرأيت لو كان لك ولد فأدْرَكَ و رجوت خيره ، فمات أكنت تحتسبه ؟ قلت : نعم ، قال : فأنت خلقته ؟ قال : بل الله خلقه ، قال : فأنت هديته ؟ قال : بل الله هداه ، قال : فأنت ترزقه ؟ قال : بل الله كان يرزقه ، قال : كذلك فضعه فى حلاله و جنبه حرامه ، فإن شاء الله أحياه ، و إن شاء أماته ، و لك أجر)

2-            المسنون :   ويكفينا في حق المسن  قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم ..) الحديث رواه أبو داود وإسناده حسن

3-            الوالدان عند الكبر : وهم طائفة خاصة من المسنين يجب إفرادها لعظيم قدرها ولضرورة التنبيه عليها ولولا خشية الإطالة لكتبنا في ذلك صفحات  ، ولكن يكفينا في حق الوالدين عند الكبر قول الله تبارك وتعالى  : { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهمآ أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما } الإسراء 23

4-            الأطفال : وبالنسبة للأطفال والصغار فيكفينا فيه إخراج رسول الله  صلى الله عليه وسلم من لم يرحم الصغير من دائرة المسلمين وضمه لهم في دائرة ليس منا فقد روى الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا ) رواه أبو داود والترمذي

5-            اليتامى :  ويكفينا في حق اليتيم قول الله تبارك وتعالى  : { فأما اليتيم فلا تقهر } وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( انا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة ) فقد روى البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أنا وكافل اليتيم له ولغيره في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً) رواه البخاري

6-            النساء : على وجه العموم ثم هناك الخصوص كالزوجات والأرامل ويتامى النساء وهكذا ،  فالبنسبة للحق العام لكل النساء فقد تكررت وصاياه صلى الله عليه وسلم في قوله: ( اتقوا الله في النساء ) – ( أيها الناس، اتقوا الله في النساء، اتقوا الله في النساء) – (  اوصيكم بالنساء خيرا ) – ( استوصوا بالنساء خيرا ) وحذر الرسول صلى الله عليه وسلم من ضرب الزوجات وإيذائهن وبين أنهن كالأسيرات عند أزواجهن  فقال : (استوصوا بالنساء خيرًا ، فإنهن عوانٍ عندكم )

7-            يتامى النساء خاصة : وقد قال الله تبارك وتعالى في حقهن وفي التحذير من عدم إتيانهن ما كتب لهن :           { ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما} النساء 127

8-            الأرامل : ويكفينا في حق الأرملة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله..) ونصه : الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وأحسبه قال كالقائم الليل لايفتر الصائم النهار لا يفطر ) رواه البخاري

 

9-            المطلقات: فقد حث القرآن الكريم على إكرامهن وإطعامهن وحفظ حقوقهن رغم ما قد يكون في النفوس من بغض متبادل بين الطليقين إلا أن الله حث وحض وأكد على عدم جعل هذه الكراهية سببا لتضييع حقوقهن ؛ فقد قال الله  تبارك وتعالى  : { فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } البقرة 229 ، وقال : { وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا.. }  من البقرة 231 ، وقال تعالى : { وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين } البقرة 241 ، إلى آخر الآيات التي تحض على الانتباه إلى المطلقات وعدم إهدار حقوقهن

 

10-      الأيامى : والأيم فيها معنيان ، الأول : هي من مات عنها زوجها،   والثاني :  هي من لازوج لها ويدخل في ذلك العوانس ومن تأخرن في الزواج ،  وهنا يحث الله تبارك وتعالى على الاهتمام بهذه الشريحة المنسية في المجتمع  ويحض على الاهتمام بهن لأقصى درجة ألا وهي توفير الاستقرار الكامل لهن من خلال إعفافهن وتزويجهن فيقول الرب الكريم : { وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم } النور 32

11-      الفقراء : وقد استفاض كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في الاهتمام بهم هم والفئة التالية أي المساكين والفرق بينهما أن  الفقراء هم الذين لا شيء لهم أصلا والمساكين هم الذين لهم شيء لا يقوم بهم

12-      المساكين: كما ذكرنا في الفقرة السابقة أن القرآن والسنة مليئان بالآيات والأحاديث الحاضة على رعاية هاتين الفئتين ومن ذلك قول الله تبارك وتعالى في بيان  أصناف المستحقين للزكاة وللصدقات : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم } التوبة – 60 ، فكان الفقراء والمساكين هم أول الفئات المستحقة للزكاة وللصدقات

13-      الأسرى : ويكفينا قول الله تبارك وتعالى : { ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا }ا الإنسان -8 .

14-      الغارمون : والغارم هو المدين دَيْنَاً يستحق به الزكاة وليس ديناً للترفه او ليكون مصدراً للثراء فقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والدعوة والإفتاء والإرشاد في تعريف الغارمين بما يلي : إذا استدان إنسان مبلغاً مضطراً إليه ؛ لبناء بيت لسكناه ، أو لشراء ملابس مناسبة ، أو لمن تلزمه نفقته ؛ كأبيه ولأولاده أو زوجته ، أو سيارة يَكَدُّ ( يعمل ) عليها لينفق من كسبه منها على نفسه ، ومن تلزمه نفقته مثلا ، وليس عنده مايسدد به الدين : استحق أن يُعطَى من مال الزكاة ما يستعين به على قضاء دينه . أما إذا كانت استدانته لشراء أرض تكون مصدر ثراء له ، أو لشراء سيارة ليكون من أهل السعة أو الترف : فلا يستحق أن يُعطى من الزكاة . " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 10 / 8 ، 9 ) .  

ويكفينا في ذلك آية الزكاة  وآية الدين  و قوله تعالى : { وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَة }  البقرة - 280، والأحاديث الكثيرة الحاثة على إنظار المدين المعسر والتجاوز عنه  بل يوجد عند البخاري ما هو أعظم من هذا المفهوم وهو إنظار الموسر المدين والتجاوز عن المعسر فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن رجلا كان فيمن كان قبلكم أتاه الملك ليقبض روحه ، فقيل له : هل عملت من خير ؟ ، قال : ما أعلم ، قيل له : انظر ، فقال : ما أعلم شيئا ، غير أني كنت أبايع الناس في الدنيا وأجازيهم ، فأنظر الموسر ، وأتجاوز عن المعسر ، فأدخله الله الجنة ) رواه البخاري ،

15-      ابن السبيل : هو من كان في سفر وضاق به الحال وغدا بلا مال  وإن كان في الأصل ربما من أهل اليسار ولكنه صار بحالته الجديدة من أهل الصدقات ومن الضعفاء المستحقين للمساعدة والمعونة ، وآية إنما الصدقات ذكرته وكذا آية يسألونك ماذا ينفقون ونصها : { يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم }

 

16-      الخدم : فقد كان لرسول الله صلى الله عليه العديد من الخدم ومنهم بل على رأسهم الصحابي الجليل أنس بن مالك الذي يروي لنا كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعامل الخدم ، فقد روى أبو داود بإسناد صحيح عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خادما ، ولا امرأة قط وكذلك  ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يعنف خادما  فقد روى مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله عنه أنه قال : خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين . والله ! ما قال لي : أفا قط . ولا قال لي لشيء : لم فعلت كذا ؟ وهلا فعلت كذا ؟ . ، وهنا ينصح النبي صلى الله عليه وسلم بتقريب الخدم وحفظ كرامتهم والإحسان إليهم ويكفينا في الإحسان إلى الخدم ما حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم من إجلاس الخدم معنا على الطعام ؛ فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ فَليُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ أَوْ أُكْلَةً  أَوْ أُكْلَتَيْنِ  فَإِنَّهُ وَلِيَ عِلاجَهُ )

17-      العبيد  وملك الأيمان والجواري والموالي إن وُجِدوا : فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي مسعود البدري الأنصاري رضي الله عنه أنه قال :  كنت أضرب غلاما لي بالسوط . فسمعت صوتا من خلفي ( اعلم ، أبا مسعود ! ) فلم أفهم الصوت من الغضب . قال : فلما دنا مني ، إذ هو رسول الله صلى الله عليه وسلم . فإذا هو يقول ( اعلم ، أبا مسعود ! اعلم ، أبا مسعود ! ) قال : فألقيت السوط من يدي . فقال ( اعلم ، أبا مسعود ! أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام ) قال فقلت : لا أضرب مملوكا بعده أبدا . وفي رواية : غير أن في حديث جرير : فسقط من يدي السوط ، من هيبته . ومن هذا ما رواه البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إن كانت الأمة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنطلق به حيث شاءت.  أي ليقضي لها حاجتها ويحل لها مشكلتها وما شابه ذلك وليس ذلك إلا تعليما لنا جميعا أن لا نهدر حقوق الخدم وأن لا نزدريهم بحال من الأحوال

 

 

18-      في  الرقاب : وهو العبد المملوك يأتي إلى سيده و يقول له أنه يريد أن يصبح حراً فيوافق سيده على طلبه هذا مقابل أن يدفع العبد له مبلغاً معيَّناً من المال وفي عصرنا هذا يفتى أيضا بمساعدة من عليهم ديات عجزوا عن سداد قيمتها ومما لا شك فيه أن هؤلاء من الضعفاء

 

19-      المظلومون : كل مظلوم هو ضعيف حتى يعاد له حقه وهذا أمر تقره كل القيم الإنسانية وقد كان في الجاهلية حلف يسمى حلف الفضول وهو عقدٌ تمّ بين مجموعةٍ من قبائل مكّة اتّفقوا  فيه على حماية المظلوم ونصرته ، ومواجهة الظالم مهما كانت مكانته وسلطته حتى يعيدوا للمظلوم حقه ،  وقد مدحه الرسول صلى الله عليه وسلم ،  وقال عنه : ( شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفاً ما أحب أن لي به حُمُر النعم ، ولو دعيت إليه في الإسلام لأجبت)  رواه أحمد  ، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله هو الذي يتولى نصر المظلوم فيروي النبي صلى الله عليه وسلم عن رب العزة جل وعلا في الحديث القدسي أن الله تبارك وتعالى يقسم بعزته وجلاله أنه هو الذي سيتولى نصر المظلوم بنفسه ففي الحديث القدسي [وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين] .

 

 

20-      غير المسلمين في ديار الإسلام إذا كانوا قلة ليس لهم من يرعاهم : وهم أهل الذمة الذين أوصى بهم الرسول صلى الله عليه وسلم خيرا لأنه قد يتبادر إلى غير أصحاب الحجى والعقل السليم أنه هذه الفئة بالذات هم ممن يسوغ إهانتهم وتوبيخهم نظرا لاختلاف الدين ، ولذلك حذر الرسول من إيذائهم طالما عاشوا بين المسلمين في سكينة ودعة ولم يقوموا بدور يشتم منه رائحة المحاولات لتغيير عقيدة المسلمين أو فتنتهم عن دينهم أو دعوتهم لتغيير الدين والدخول في ديانتهم

21-      الرعية بالنسبة للراعي : ولذلك كان من السبعة الذين يضلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : ( إمام عادل) ، وهنا يعلمنا الصديق ابو بكر رضي الله عنه آداب الراعي والرعية ففي سيرة ابن هشام : أَيُّها الناسُ فَإِني قد وُلِّيتُ عليكم ولست بخيركم فإِنْ أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي وإِنْ أَسَأْتُ فَقَوِّمُوني. الصِدْقُ أمانةٌ والكَذِبُ خِيَانَةٌ . والضعيفُ فيكم قويٌّ عندي حتى أرجعَ إليه حقَّه إن شاء اللّه، والقويّ فيكم ضعيفٌ عندي حتى آخذَ الحقَّ منه إن شاء اللّه.

22-      الأسرة بالنسبة لرب الأسرة : ولنا في ذلك  حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت ) حديث صحيح رواه أبو داود ، ولفظ مسلم : ( كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته)

23-      الأجراء بالنسبة لأرباب العمل :ويكفي في الترهيب من تضييع حق هذا الضعيف حديث أبي هريرةرضي الله عنه  الذي رواه البخاري : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ".

24-      الرجل في أرض الضلال : وهو المسافر أو الغريب الذي ضل طريقه فمهما كان قويا أو مليئاً فهو حال ضياعه وفقده معالم الطريق ضعيف في حالة عجيبة من الضعف والقلق ، يمكن التغرير به والتحايل عليه ولذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم إرشاد الرجل في ارض الضلال من خصال الخير ويكفينا في ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة ) رواه الترمذي وحسنه .

 

25-      الملهوف: وهو من اصابته مصيبة طارئة فصيرته ملهوفا فهو وإن كان قويا لكنه في هذه الحالة الطارئة ضعيفا بل في غاية الضعف ونموذج ذلك من فقدت ابنها فتراها تهرول وتصرخ وتصيح باحثة عن ابنها وهنا يتوجب من الكرماء ذوي النخوة والشهامة من أصحاب الخلق الإسلامي العالي أن يقفوا بجانبها يهدئون من روعها ويبحثون معها عن ابنها ..الخ وفي ذلك حديث رسول الله صلى الله وعليه وسلم  :  (..و تدل المستدِل على حاجة له قد علمت مكانها ، و تسعى بشدة ساقيك إلى اللهفان المستغيث ، و ترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف ، كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك ..) الحديث

 

 

26-      من مات عنهم الزوج أو رب الأسرة أو عزيز مقرب لديهم: فيحتاجون إلى رعاية خاصة إضافية في الأيام الأولى لوفاة هذا المتوفى ، وهذه الرعاية الخاصة تختلف عن الرعاية اللاحقة سواء كانت تلك الرعاية للأيتام أو للأرامل ، ويكفينا في هذا الأمر حديث : اصنعوا لآل جعفر طعاما ونصه : عن عبد الله بن جعفر قال : لما جاء نعي  جعفر حين قتل ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد جاءهم ما يشغلهم ) رواه الخمسة إلا النسائي

 

27-      من تحمل حمالة : وهو الرجل الذي ليس عيه دين ولكنه تحمل دين غيره ليكف عنه ملاحقة صاحب الدين أو ليفك ضيقه ولكن هذا الذي تحمل حمالة عنده من المال ما لا يكفي ولذلك يعطى من المال ما يكفيه لينتهي من هذا الالتزام الذي التزم به نخوة وشهامة وهو هنا في هذه الحالة من الذين يحتاجون المساعدة والإعانة ، ولنا في ذلك حديث قبيصة فعن قبيصة بن المخارق رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: تحملت حمالة فأتيت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم أسأله فيها فقال:  ( أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها ثم قال: يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ما له فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو قال سداداً من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه لقد أصابت فلاناً فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو قال سداداً من عيش؛ فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكلها صاحبها سحتا  ) رواه ُمسلِمٌ.

 

28-      السائلون : والسائل يحمل ضعفا بين جنباته بما جعل به يده هي السفلى فإن كان فقيرا فضعفه واضح وإن كان غنيا فيما يظهر لك فلعل لديه ما ألجأه إلى ذلك فلا تزيدن عليه بعد ذل السؤال ذلا آخر من الانتهار ولذلك يكفينا في حق السائل قول الله تبارك وتعالى  : { وأما السائل فلا تنهر } ، وكان من خصاله صلى الله عليه وسلم أنه لا يرد سائلا ، ولعل الحديث  المروي في الصحيحين  من ابلغ ما يضرب مثلا لهذه الحالة فعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال رجل لأتصدقن الليلة بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية فأصبح الناس يتحدثون : تصدق على زانية فقال : اللهم لك الحمد على زانية لأتصدقن الليلة بصدقة فوضعها في يد غني فاصبحوا يتحدثون : تصدق على غني قال : اللهم لك الحمد على غني لأتصدقن الليلة فخرج فوضعها في يد سارق فأصبحوا يتحدثون : تصدق الليلة على سارق فقال : اللهم لك الحمد على زانية وعلى غني وعلى سارق فأتي فقيل له : أما صدقتك فقد قبلت وأما الزانية فلعلها أن تستعفف بها عن زنا ولعل الغني يعتبر فينفق مما أعطاه الله ولعل السارق أن يستعف بها عن سرقته " أخرجه الشيخان عن أبي هريرة

 

29- المنكوبون : وهم من اجتاحتهم جائحة كمن احترقت دورهم أو من أصابهم الهدم أو الزلازل أو الفيضانات أو البراكين أو الأعاصير وغير ذلك من الكوارث الطبيعية أو اشباههم ممن وقعوا تحت الاحتلال أو يحاربون ضد الاحتلال دفاعا عن دينهم ووطنهم وعرضهم  ، كل هؤلاء من الضعفاء المحتاجين إلى أن تمتد إليهم يد المعونة  أ 

وهناك فئات أخرى لا يتسع المقام لذكرها ولعل فيما ذكرناه كفاية وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

Top