- 1963 زيارة

المقومات العشر لكرامة الأسرة

قيم الموضوع
(0 أصوات)

المقومات العشر للأسرة الكريمة السعيدة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ، لتحقيق الكرامة الإنسانية بمفهومها يجب تحقيق هذه الكرامة ليس فقط على مستوى الفرد بل على مستوى الجماعة وأول مكونات هذه لجماعة هي الأسرة الكريمة التي تتمتع بالمفاهيم الأساسية للكرامة فتتطلع كل أسرة إلى السعادة وترنو إليها، فما هي مقومات سعادة الأسرة التي بها تتحقق مفاهيم الكرامة الإنسانية ؟

إن هذه المقومات تتركز في 10 صفات أساسية هي :-

1-                      أسرة سعيدة = أسرة مترابطة لا تعرف التفكك الأسري

2-     أسرة سعيدة = أسرة يتكافأ أفرادها في الحقوق والواجبات ، أسرة لا تضيع فيها حقوق الأم أو الطفل.

3-                      أسرة سعيدة = أسرة إلى الأمام كل يوم لا تعرف التخلف والفوضى العلمية.

4-                      أسرة سعيدة = أسرة لا تعرف الانحراف الأخلاقي وطريق الرذيلة.

5-                      أسرة سعيدة = أسرة تنعم بالرعاية الصحية اللائقة

6-                      أسرة سعيدة = أسرة تعيش فوق مستوى خط الفقر وتنعم بالحياة الكريمة.

7-     أسرة سعيدة = أسرة يسودها الوئام وروح الشورى ولا تعرف أجواء القهر والاستبداد في الرأي

8-     أسرة سعيدة = أسرة تنعم بالمسكن اللائق الذي يستر العورات ويقي قيظ الصيف وزمهرير الشتاء.

9-                      أسرة سعيدة = أسرة تعرف حق خالقها وتطيع أوامره

10-    أسرة سعيدة = أسرة تؤثر وتتأثر بنسيج المجتمع من حولها وتتواصل مع أسرتها الممتدة

 

 

هذه مصطلحات لا تعرفها الأسرة السوية السعيدة : تفكك أسري – طلاق – خيانة زوجية –جنوح الأحداث –إدمان – مسكرات –خط الفقر – تشرد – خيمة لجوء- قهر – استبداد بالرأي- تخلف علمي – أمية حاسوب – فواحش – إيدز – أمراض معدية – عقوق – بطالة – انتحار - دار المسنين.

 

وهذه مصطلحات تعرفها الأسرة السوية السعيدة : ترابط أسري – حقوق وواجبات- كلكم راع -زوجة صالحة- بر وإحسان -شورى- تقدم علمي – فضيلة –رعاية صحية – تحصينات إجبارية –وسائل إعلام-مسكن لائق- الأمن والسلام-استقرار مادي- تعاون – تفاعل إيجابي -الأسرة الممتدة.

 

1-                      أسرة سعيدة = أسرة مترابطة لا تعرف التفكك الأسري

هي الأسرة التي لا تعرف التفكك الأسري والذي يعتبر معول الهدم الرئيسي لكيان الأسر ؛ فالأسرة المترابطة تنعم بوجود الأب والأم والأبناء ، ويرى كل طرف من هذه الثلاثية المتناغمة أن لا غنى له عن الآخر ، وأنه لا اكتمال للسعادة إلا باكتمال محاور هذه الثلاثية، وعلى النقيض توجد كثير من الأسر تعاني من التفكك الأسري المتمثل في صور عديدة منها:

·  انفصال الوالدين : وذلك يكون عادة بالطلاق بسبب كراهية أحد طرفين للآخر كما هو الحال في المجتمعات العربية أو بمفارقة أحد الطرفين للآخر رغم بقاء الصفة الشكلية لرابطة الزوجية ويرجع السبب في هذا إلى نوع من الخيانة الزوجية، وهذا نادرا ما يحدث في المجتمعات العربية ولكنه شائع في الغرب بسبب غياب الوازع الديني.

·  غياب أحد الوالدين أو كليهما : وذلك إما بالوفاة أو بالوقوع في الأسر أو بالسجن أو بالفقد ، وكل هذه الأنواع تحدث شرخاً عميقا في بنيان الأسرة.

الرؤية الإسلامية :

·  عن الكراهية الزوجية يقول الله عز وجل : { وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا}

·  و يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (لا يفرك[ أي يكره] مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر) والمعنى: أي لا يبغضها بغضا كليا يحمله على فراقها،و لا ينبغي له ذلك بل يغفر سيئتها لحسنتها ويتغاضى عما يكره لما يحب.

أما عن الخيانة الزوجية : فقد سد الإسلام طرقها من البداية حين حث على غض البصر ؛ قال تعالى : { قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ..} ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : (لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الثانية). وقد لخص القرآن تعريف الزنا في ثلاث كلمات فقال تعالى : {ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا}. ، وقد كان العرب يعرفون أن هذا من مكارم الأخلاق ؛ قال عنترة:

وأغض طرفي ما بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها

·  أما عن غياب أحد الوالدين بسبب الوفاة فقد اهتم الإسلام بهذه الأسرة التي تحوي أيتاما وأرملة فقال الله تبارك وتعالى : { ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير } وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : " أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين. وأشار بالسبابة والوسطى " وقال : " الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل اللَّه وكالقائم لا يفتر، وكالصائم لا يفطر"

 

2- أسرة سعيدة = أسرة يتكافأ أفرادها في الحقوق والواجبات ... أسرة لا تضيع حقوق الأم أو الطفل

فالكل يعرف ما له وما عليه ، فالأب والأم والأبناء يعرف كل واحد منهم ما له وما عليه تجاه بقية أفراد الأسرة ،

·      وهنا تتجلى المعاني الإسلامية في التوجيهات السامية التي تنبه كل الأطراف في الأسرة على المسؤوليات الملقاة على عاتقها ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، والأمير راع، والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده؛ فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته "

·      وهي أسرة يحترم فيها الصغير الكبير ويرحم فيها الكبير الصغير ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لَيْسَ مِناّ مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا ولَمْ يُوَقّرْ كَبِيرَنَا".

·      وهي أسرة يدرك فيها الأبناء الفضيلة العظمى للإحسان إلى الوالدين وكيف أن الله قرنها في غير ما آية من كتابه بالأمر بطاعته وتوحيده ؛ قال تعالى :{ وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا } ، وقال : { واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا} ، وقال صلى الله عليه وسلم :" الوالد أوسط أبواب الجنة" وقال صلى الله عليه وسلم حين سئل : من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: (أمك) قال: ثم من؟ قال: (ثم أمك) قال: ثم من؟ قال: (ثم أمك) قال: ثم من؟ قال: (ثم أبوك).

·      وهي أسرة يدرك فيها ولي الأمر مسؤولياته وخطورة تضييع من يعولهم ، قال صلى الله عليه وسلم : "كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول" وفي رواية : " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت "

·      وهي أسرة يحسن فيها الزوج إلى زوجته ويكرمها ويتلطف بها ويعلم في ذلك أنه ينفذ وصية الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع :حين قال: "واستوصوا بالنساء خيراً فإنكم أخذتموهن بأمانة اللّه، واستحللتم فروجهن بكلمة اللّه" ،وفي لفظ : " أوصيكم بالنساء " وفي لفظ آخر " اتقوا الله في النساء"

·      وهي أسرة تعرف الزوجة فيها حق زوجها : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة

 

 

 

 

 

3-        أسرة سعيدة = أسرة إلى الأمام كل يوم ..أسرة لا تعرف التخلف أو الأمية العلمية.

فهي أسرة تعرف التقدم العلمي تهتم بتعليم أبنائها كل مناحي التعليم فتهتم بتعليم أبنائها اللغة العربية واللغات الأجنبية والمواد العلمية والحسابية ، تهتم بتعليم أبنائها بل وتعليم أولياء الأسرة أيضا لغة العصر –لغة الحاسوب- فالكثير من أهل الفكر يعدون الأمية في عصرنا هذا هي أمية الحاسوب ،

واهتمام هذه الأسرة بالعلم والتعليم نابع من اتباعها للنهج القرآني والنبوي ؛فأول ما نزل من القرآن هو : { اقرأ } ، وامتن الله تعالى على عباده بتعليمهم ما ينفعهم فقال تعالى : {علم بالقلم . علم الإنسان ما لم يعلم }

وهو نابع أيضا من توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( طلب العلم فريضة )

وهذه الأسرة تعرف أن طلبها للعلم هو طريقها لتحصيل الرزق الوفير فهي تعرف التوكل لا التواكل وهي تعرف أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة فأبناء هذه الأسرة يدرسون بالمعاهد العلمية نهارا ويثبتون ما درسوه ليلا ، والوالدان في تحصيل علمي مستمر لا يتوقفون عند ما درسوه في الصبا

وجميع أفراد هذه الأسرة يهتمون بالجديد في ميادين العلم عبر وسائل الإعلام من صحافة ومذياع وتلفاز و إنترنت .

وتبتغي هذه الأسرة المسلمة بطلبها للعلم وجه الله تريد بتقدمها أن تكون لبنة صالحة في بناء المجتمع المسلم وخلية نافعة في نسيج هذا المجتمع ويحدوها الأمل بتقدمها أن ترى أمتها الإسلامية عادت إلى الريادة واحتلت الصدارة مرة أخرى واستردت خيريتها التي فقدتها يوم أن رضيت بالتخلف منهجا وبالتبعية العمياء شعارا

 

 

4- أسرة سعيدة = أسرة لا تعرف الانحراف الأخلاقي وطريق الرذيلة

 

·      فهي ترفل في جنات الطاعة وتتزين بزينة الأخلاق

·      لا تعرف شرب الخمر والمسكرات ، وهي بعيدة عن الميسر والقمار فهي منصاعة لقول الله تبارك وتعالى : { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون }.

·      ولا مكان فيها للمخدرات لنهيه صلى الله عليه وعن كل مسكر ومفتر ولقوله : ( لا ضرر ولا ضرار ).

·      مكارم الأخلاق هي عنوانها ، صحبتها من الأخيار ولا تعرف الفجار؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (لا تصحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي" ) .

·      بعدها عن الفواحش كما بين المشرق والمغرب ، يكره كل فرد فيها أن يقترف الفاحشة كما يكره أن يقذف في النار ، عمرت قلوبهم بقول الله تعالى : { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن } وقوله تعالى : { ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن } .

·      لا تعرف في قاموسها الألفاظ البذيئة والسلوكيات الدنيئة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الفحش والتفحش ليسا من الإسلام في شيء، وإن أحسن الناس إسلاما أحسنهم خلقا"

وتعلم هذه الأسرة تماما أن أقرب الناس مجلسا من الرسول الحبيب يوم القيامة هم أحاسنهم أخلاقا ، لقوله صلى الله عليه وسلم : (أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم خلقا ).

وقيل : يا رسول الله ما خير ما أعطي الانسان؟ قال: "خلق حسن".

 

 

5-                     أسرة سعيدة = أسرة تنعم بالرعاية الصحية اللائقة

 

* فهي تعرف وتعي قول الله تعالى : { ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا } وقول رسول الله صلى الله عليه : ( وإن لبدنك عليك حقا ) .

·      مثل هذه الأسرة تتبع نظاما صحيا منتظما تقوم فيه بالفحوصات الدورية السنوية .

·      الأسرة السعيدة استوفت سائر التحصينات الإجبارية لأطفالها لأن رب هذه الأسرة يعلم أن الإهمال في هذه التحصينات نوع من التضييع لمن يعول وهو على علم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول

·      لدى كل فرد من هذه الأسرة بطاقته الصحية المعتمدة لدى الدولة التي تعيش فيها الأسرة ،وقد بين بهذه البطاقة فصيلة الدم وسجل بها أية أمراض تحتاج إلى رعاية خاصة أو انتباه عند تناول بعض العقاقير.

·      هذه الأسرة تنعم بالحياة في بيت صحي نقي الهواء وتدخله الشمس الساطعة ،لا مجال فيه لنمو الجراثيم ولا تعرف الحشرات والجرذان له طريقا

 

 

6-                     أسرة سعيدة = أسرة تعيش فوق مستوى خط الفقر وتنعم بالحياة الكريمة

* .فهي في غنى عن سؤال الناس وتكففهم ،ولسنا نقصد بالحياة الكريمة هنا أن تكون هي حياة القصور الشاهقة والسيارات الفاخرة ولكن المقصود ، أن يجد المرء ما يكفيه ويغنيه عن الاحتياج للآخرين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه"

·      وهناك كثير من الأسر تعيش فقرا حقيقيا أحنى ظهرها ومرغ أنفها وألصق بالتراب وجهها وهم في ذلك إما بسبب حروب أو كوارث طبيعية أو ظلم من الإنسان لأخيه الإنسان أو بسبب تقصير جسيم من رب الأسرة فهؤلاء يحتاجون مد يد العون إليهم.

·      وهناك أسر أخرى تعيش فقراً كاذبا فهي ترى الفقر بين عينيها وهي لا تدرك أنها تتقلب في النعم ، ولكن بسبب الخلل في البصيرة تعيش هذه الأسر ليلها ونهارها تتجرع مرارة الإحساس بالفقر ، والسبب هو نظرة هذه الأسر إلى من هم فوقهم في الدنيا ، وعلاج هذا الداء في التوجيه النبوي : (انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم ) ، وهذه ليست دعوة للتراخي والخمول وعدم الاجتهاد في طلب الرزق الحلال وتحسين المستوى المعيشي ، ولكنها تعديل لانحراف بشري لانهاية له إذا لم توقفه مكابح القناعة لأنه ما من إنسان إلا ويوجد من هو فوقه في بعض أمور الدنيا فأنى للمرء أن يجمع الدنيا بكل نعيمها بين يديه.

 

7- أسرة سعيدة = أسرة يسودها الوئام وروح الشورى ولا تعرف أجواء القهر والاستبداد في الرأي .

·      مثل هذه الأسرة ينعم أفرادها بالاستقرار الذهني والعصبي وهي في منأى عن التقلبات المزاجية الحادة ولهذا فهي أسرة تنتج بجودة وإتقان .

·      هذه الأسرة يومها أفضل من أمسها وغدها أفضل من يومها

·      هذه الأسرة يتيح فيها ولي الأمر لأفرادها مساحات واسعة من الحوار الصريح وإبداء الرأي ، ويأمن أفرادها على آرائهم من المصادرة

·      هذه الأسرة يدرك وليها التوجيه القرآني اللطيف في قوله تعالى : { وشاورهم في الأمر } وقوله تعالى : { وأمرهم شورى بينهم }

·      هذه الأسرة تدرك أن الشورى كانت منهاج حياة الرسول صلى الله عليه وسلم فقد قبل رأي الحباب بن المنذر في أمر ماء بدر وأخذ برأي سلمان الفارسي في أمر الخندق ، وأخذ برأي زوجته أم سلمة رضي الله عنها في الحديبية

·      هذه الأسرة التي يربى فيها الصغار على مهارات المشاركة وإبداء الرأي حيث يعطوا فيها مساحة لممارسة هذه المشاركة ، إنما تعد رجالا للمستقبل عندهم القدرة علة القيادة واتخاذ القرار

 

8-        أسرة سعيدة = أسرة تنعم بالمسكن اللائق الذي يستر العورات ويقي قيظ الصيف وزمهرير الشتاء.

 

فمن السعادة حقا أن يجد المرء بيتا يؤويه تستر فيه عورته يأمن فيه على نفسه وأهله وعرضه وماله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ("من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها)

 

وها نحن نرى من شردتهم الحروب يعشون في أحوال مزرية يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ، تصليهم الشمس بلهيبها ، وتتقطع أطرافهم من زمهرير الشتاء ، والسعيد منهم من حوته خيمة تشقق قماشها شذر مذر ، تحل المياة العفنة والرياح والحشرات والزواحف ضيوفا عليه بلا سابق استضافة يشاركونه حياته وطعامه وشرابه إن كان له طعام أو شراب

·  وهنا تتجلى المعاني الجليلة في قول الله تبارك وتعالى : { الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف }

·  ولعلنا في هذه العجالة لا ننسى إخواننا اللاجئين في فلسطين وكشمير والشيشان وغيرها من المآسي فكل هؤلاء يعيشون هذه الحالة المزرية

 

 

9-        أسرة سعيدة = أسرة تعرف حق خالقها وتطيع أوامره

 

·  فلا سعادة إلا بطاعة الله الخالق : {الذي خلقني فهو يهدين، والذي هو يطعمني ويسقين، وإذا مرضت فهو يشفين } فهو المستحق للشكر على نعمائه وفضله

·  فكم من الأسر استوفت كل أسباب السعادة لكنها لم تذقها والسبب أنها بعيدة عن فطرة الله التي فطر الناس عليها ، قال الشاعر

ولستُ أرى السعادةَ جمعَ مالٍ * ولكنَّ التقي هو السعيد

·      وها نحن نرى في كثير من المجتمعات المادية ارتفاع نسب الانتحار والتزايد المستمر في الإقبال علي تعاطي المخدرات والشذوذ الجنسي ونرى اكتظاظ العيادات النفسية بمرضى القلق والاكتئاب وليس هذا إلا لبعدهم عن القيم الروحية التي لابد لها لضبط إيقاع البدن وتوجيهه إلى الوجهة الصحيحة

·      ونتيجة لما يقوم به أفراد هذه الأسرة من أداء ما أوجبه الله عليهم من صلاة وصيام وزكاة وغير ذلك ، فإنهم يحسون بالرضا والاقتناع فهم يعيشون على الأرض وشعارهم هو قول الله تعالى : { رضي الله عنهم ورضوا عنه }

·      ويتولد عن هذا الإحساس بالاقتناع والرضا نوع من الجودة النوعية في أداء أفراد هذه الأسرة في المجتمع فيؤدي ذلك إلى تفوقهم وتميزهم ، الأمر الذي يدفعهم إلى المزيد من تحسين الأداء ومن ثم إلى مزيد من النجاح ومزيد من الرضا عن الله والمزيد من رضا الله عليهم والذي بدوره يعطي نتيجة حتمية وهي المزيد من التفوق والنجاح والسعادة

 

10 - أسرة سعيدة = أسرة تؤثر وتتأثر بنسيج المجتمع من حولها وتتواصل مع أسرتها الممتدة

 

·      هذه الأسرة تدرك وتعي أنها خلية في نسيج المجتمع ولبنة في بنائه ، وأنها لا تعيش في هذا الكون وحدها ؛ ولذا تتأثر بما حولها في المجتمع وتؤثر فيه أيضا .

·      والتأثر والتأثير أمر طبيعي مفروض على كل أفراد المجتمع ، لكن الأسرة السوية السعيدة هي التي تتأثر وتؤثر بإيجابية ، فتستفيد من أوقات الاستقرار والرخاء والسلام والتمدن والحضارة بما ينفعها وينفع مجتمعها فهي أسرة لا تعرف الطابع الاستهلاكي لمفردات الترف والتنعم وإن كانت تأخذ بقسط من ذلك حيث لا مانع يمنع هذا الأمر ولكنها توظف ما تنعم به من رخاء واستقرار كما قلنا لخيرها وخير مجتمعها.

·      وفي المقابل ، إذا عاش المجتمع أوقات أزمات وحروب وكوارث فهي متواجدة في موقع الحدث تواسي الثكلى وتضمد الجراح وتشارك في محاولة ترميم الشروخ التي سببتها الكوارث في بنية مجتمعها

·      وما أجمل التوجيه القرآني حين يأمر بالتعاون في مثل هذه الأوقات بقوله تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان }

·      وما أجمل التوجيه النبوي في قوله : "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر"

·      وكما قلنا أن هذه الأسرة السوية والسعيدة هي الأسرة التي تتأثر بمجتمعها وتؤثر فيه ولكن بإيجابية بمعنى أنه إذا صلح المجتمع وسادته أخلاق الفضيلة فالأسرة في أول القافلة ، أما إذا فسد المجتمع وطغت علي الرذيلة والفساد فهي شمعة تضيء في الظلام وهي حينئذ لا تتأثر بالمفسدين في الأرض بل تترسم الطريق حسب توجيهات الرسول صلى الله عليه وسلم : "لا تَكُونُوا إِمّعةً تَقُولُونَ إِن أَحْسَنَ النّاسُ أَحْسَنّا، وإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطّنُوا أَنْفُسَكُمْ، إِنْ أَحْسَنَ النّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وإِنْ أسَاءُوا فَلاَ تَظْلمُوا".

·      وهذه الأسرة تدرك جيدا أن من أوليات التواصل والتفاعل مع المجتمع تفاعلها وتواصلها مع الأسرة الممتدة من آباء وأجداد فلا تلقي تلك الأسرة آباءها وأجدادها في دور رعاية المسنين بل تعتبر ذلك عارا عليها فتقوم السرة بكامل أفرادها برعاية الكبار محتسبة في ذلك رضا الله تبارك وتعالى.

·      وكذلك تتواصل مع الجيران ورفقاء العمل فتتلاقى الأيدي وتتشابك ويأخذ الكبير بيد الصغير والقوي بيد الضعيف والغني بيد الفقير

·      وحينئذ يحق للمجتمع أن يسعد ويفخر بمثل هذه الأسرة.

 

Top