- 46 زيارة

المجلس الثاني عشر من مجالس شَهر رمضان (في النوع الثاني من تلاوة القرآن)

قيم الموضوع
(0 أصوات)

قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله وغفر له:-

سبق في المَجْلِس الخامسِ أنَّ تِلاوةَ القرآنِ على نوعيْن:-

النوع الأول: تلاوةِ لفظِهِ وهي قراءته وتقدَّم الكلامُ عليها ، والنوعُ الثاني تلاوةُ حُكمِه بتصديقِ أخبارِهِ واتَّباعِ أحكامِهِ، فعْلاً للمأموراتِ وتركاً للْمنهِيَّات. ، وهذا النَّوعُ هو الغايةُ الْكُبرَى من إنزال القرآن .

ولهذا دَرَجَ السلف الصالحُ -رضي الله عنهم-على ذلك يتعلَّمون القرآن، ويصدِّقون بِهِ، ويُطبقون أحْكامَه تطبيق إيْجاب، وهذا النوعُ من التلاوة هو الَّذِي عليه مَدار السعادةِ والشقاوةِ،

عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلّم- قال: «القرآنُ حُجَّةٌ لك أو عليك». وقال ابن مسعودٍ -رضي الله عنه-: القرآنُ شافعٌ مُشفَّعٌ فمَن جَعلَه أمَامَهُ قادهُ إلى الجنةِ ،ومن جعله خلفَ ظهرهِ ساقَه إلى النار .

عبادَ الله: هذا كتابُ الله يُتْلى بَيْن أيْديكم ويُسْمَع،وهو القرآنُ الَّذي لو أُنزِلَ على جبلٍ لَرأيْتَه خاشِعاً يَتَصَدَّع، ومع هذا فلا أُذُنٌ تسمع، ولا عينٌ تدْمع، ولا قلبٌ يخشع، ولا امتثالٌ للقرآنِ فيُرجَى به أنْ يَشْفع، قلوبٌ خَلتْ من التَّقْوى فهي خَرَابٌ بَلْقَع، وتَرَاكمتْ عليها ظُلْمةُ الذنوب فهي لا تُبْصِرُ ولا تَسْمع، كم تُتْلى علينا آيَاتُ القرآنِ وقُلوبُنا كالحجارةِ أو أشد قَسْوة، وكم يتوالى علينا شهرُ رمضانَ وحالُنا فيه كحالِ أهلِ الشَّقْوة، لا الشَّابُّ منا يَنِتَهي عن الصَّبوة، ولا الشيخُ ينْتَهي عن القبيح فيَلْحقُ بأهلِ الصَّفوَة، أينَ نحنَ من قومٍ إذا سمِعُوا داعيَ الله أجابُوا الدَّعْوة، وإذا تُليتَ عليهم آياتُه وَجلَتْ قُلوبُهم وجَلتْهَا جَلْوَة، أولئك قومٌ أنْعَمَ الله علَيْهم فعرفُوا حقَّه فاختارُوا الصَّفوة.

إخواني: احفَظُوا القرآنَ قبلَ فواتِ الإِمكان، وحافِظُوا على حدودِهِ من التَّفْرِيطِ والعِصْيان. واعْلَمُوا أنَّه شاهدٌ لكم أوْ عليكم عند المَلِكِ الدَّيَّان، ليس مَنْ شُكْر نعمةِ الله بإِنْزَالِهِ أنْ نَتَّخِذَه وراءَنا ظِهْريَّاً، وليس مِنْ تعظيمِ حرمات الله أنْ تتخذَ أحكامَه سِخْرياً.

 

المصدر:
كتاب:مجالس شَهر رمضان.

 

 

Top