طباعة هذه الصفحة
- 4673 زيارة

لكرامة الإنسان .. فن التعامل مع الناس

قيم الموضوع
(0 أصوات)

لكرامة الإنسان .. فن التعامل مع الناس

 

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا القائل : ((كل معروف صدقة)) والذي بين أن لقاء المؤمنين بطلاقة وجه نوع من العبادة، فما أحوجنا هذه الأيام بعد أن تغير الزمان، وتبدلت الأحوال أن نتعلم كيف نتعامل مع الناس بمنهج الإسلام فقد كثرت المناهج والأفكار، وكلٌ يدلي بدلوه، والناس يفتتنون بنظريات ومناهج غربية وغريبة. وعلى أي حال ففي منهج الإسلام كفاية، فلا يتصور أن منهجاً عظيماً - كمنهج الإسلام - يعجز عن وضع أفضل طريقة للتعامل مع الآخرين، فقد حرص الإسلام على ترسيخ مبدأ حسن التعامل مع الناس، فهو فن عظيم يحتاج إلى توفيق من الله أولاً، ثم إلى الحكمة ثانياً. فالحكمة عطية من الله يهبها لمن يشاء، قال تعالى: )يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيراً( [البقرة: 269]

 

هل هناك قوانين للتعامل مع الناس؟

الإجابة: لا يمكن أن يخضع التعامل مع الناس لقوانين مرسومة يسير عليها الإنسان ؛ وذلك لأن التعامل يعتمد على عدة أشياء مرتبطة بالمحيط والبيئة التي يعيش فيها المرء ، ولذا فالحكمة هي التي تفرض نفسها ليقدر الإنسان الأسلوب الذي يتعامل به وفق ما يطرأ مسترشداً بما لديه من خبرات في التعامل من المواقف السابقة، ومن رصيده في الحكمة … ولكن الذي ينبغي أن يتضح جلياً أن في القرآن الكريم وفي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم نماذج مؤثرة منوعة، قابلت شتى أنواع البشر وتعاملت معهم بأفضل الطرق والوسائل.

كيف تنال أحسن مكانة بين الناس ؟

يمكنك أن تصل إلى قلوب الناس بعد استيفاء عدة شروط كلما حققت منها شرطاً زادت مكانتك عند الناس..هذه الشروط والقواعد كثيرة، ولا يصلح هذا الأمر إلا بتقوى الله أولاً.. وسنتطرق إلى بعض منها في هذه المقالة بإذن الله.

1-ازهد فيما عند الناس يحبك الناس

عن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فقال: يا رَسُول اللَّهِ دلني على عمل إذا عملته أحبني اللَّه وأحبني الناس. فقال: ((ازهد في الدنيا يحبك اللَّه، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس.)) رواه ابن ماجه وغيره بأسانيد حسنة.

قال المناوي في فيض القدير: (وازهد فيما عند الناس) من حطام الدنيا (يحبك الناس) لأن قلوبهم مجبولة على حبها، مطبوعة عليها ومن نازع إنساناً في محبوبه كرهه وقلاه، ومن لم يعارضه فيه أحبه واصطفاه.

وقيل لبعض أهل البصرة: من سيدكم؟ قال: الحسن، قال: بم سادكم؟ قال: احتجنا لعلمه واستغنى عن دنيانا.

وقيل إن هذا الحديث هو أحد أربعة أحاديث يدور عليها الإسلام وهي: ((إنما الأعمال بالنيات)) و ((الحلال بيِّن والحرام بين)) و ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) و((ازهد فيما عند الناس))

2-الكلمة الطيبة صدقة

قال تعالى: )وقولوا للناس حسناً( [ البقرة: 88]

قال أبو العالية: قولوا لهم الطيب من القول، وجازوهم بأحسن ما تحبون أن تجازوا به. وهذا كله حض على مكارم الأخلاق، فينبغي للإنسان أن يكون قوله للناس لينًا ووجهه منبسطًا طلقًا مع البر والفاجر، من غير مداهنة، ومن غير أن يتكلم معه بكلام يظن أنه يرضي مذهبه.

وقال صلى الله عليه وسلم: ((الكلمة الطيبة صدقة)) متفق عليه.

قال تعالى: )ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك( [آل عمران 159]

وجاء عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "البر شيء هين: وجه طليق ولسان لين " وفي رواية:(وكلام لين).

3-تبسمك في وجه أخيك صدقة

 

عن أبي ذر مرفوعاً: ((تبسمك في وجه أخيك صدقة لك، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة لك، وإرشادك الرجل في أرض الضلالة صدقة لك، وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن الطريق صدقة لك، وإفراغك من دلوك إلى دلو أخيك صدقة)) رواه الترمذي وحسنه.

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق)) رواه مسلم.

4-إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم

 

فمن المعلوم أن المرء لن يمكنه بحال أن يرضي كل الناس بالمال لأن المال يتقاصر عن ذلك؛ لهذا قال صلى الله عليه وسلم: ((إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم))، وفي رواية أخرى: ((إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم ببسط الوجه وحسن الخلق)) أخرجه البزار والطبراني من حديث أبي هريرة.

وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان هينًا قريبًا حرَّمه الله على النار)).

وأخرج البخاري ومسلم والترمذي عن ابن عمرو رضي الله عنهما قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشًا، ولا متفحشًا، وكان يقول: ((إن من خياركم أحاسنكم أخلاقا)).

وأخرج والترمذي وحسنه عن عائشة قالت: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا وألطفهم بأهله)).

5-لأن أندم في العفو، أحب إلي من أن أندم على العقوبة

 

هذا قول جميل لجعفر بن محمد نستنبط منه قاعدة عظيمة في التعامل مع الناس وهي قاعدة العفو تخلقاً بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان لا ينتقم لنفسه، وإنما ينتقم إذا انتهكت حرمات الله عز وجل. وقد روي بأوجه فيها ضعف وقيل يعظد بعضها بعضا وقيل الصواب الموقوف منها :

"ادْرَءُوا الحُدُودَ عَنِ المُسْلِمِينَ مَا اسْتَطعْتُم، فَإِنْ وَجَدْتُمْ لِلْمُسْلِمِ مَخْرَجَاً فَخَلُّوا سَبِيلَهُ، فَإِنَّ الإِمَامَ لأَنْ يُخْطِئَ فِي الْعَفْوِ خيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ" رواه الترمذي والحاكم عن عائشة مرفوعاً وموقوفاً وأخرج ابن عساكر بعضه: "لأَنْ يُخْطِئَ الإِمَامُ فِي الْعَفْوِ خيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ" عن ابن مسعود موقوفاً

وورد في كنز العمال عن عمر رضي الله عنه قال: إذا حضرتمونا فاسألوا في العفو جهدكم، فإني إن أخطئ في العفو أحب إلي من أن أخطئ في العقوبة.

قال تعالى )فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ( [ المائدة:13]

وقال )وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين ( [آل عمران:134]

وسئل جعفر بن محمد: من أعظم الناس قدراً ؟ قال: أكثرهم عفوا.

 

6-لا يحقرن أحد أحداً

 

قال تعالى: )و لا تصعر خدك للناس( [ لقمان:18]

قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسيرها: أي ولا تتكبر فتحقر عباد الله، وتعرض عنهم بوجهك إذا كلموك.

وقال زيد بن أسلم: أي لا تتكلم وأنت معرض.

وقال أبو بكر رضي الله عنه:-لا يحقرن أحدٌ أحداً من المسلمين فإن صغير المسلمين عند الله كبير.

7-لا تطلب القيادة قاصداً

 

وهذه أيضاً قاعدة عظيمة، تضمن لك حب الناس، وعدم كراهيتهم لك، وتضعك في مكانة عالية عندهم، معتبرين إياك غير حريص على منافستهم في أمور دنياهم، ويمكن أن تلحق بالقاعدة الأولى: ((ازهد فيما عند الناس يحبك الناس)) ولكن فضلنا إفرادها بقاعدة خاصة لعموم البلوى بمسألة طلب الرياسة، والتنافس عليها في كل مكان.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة، فإنك إن أُعْطِيتها عن مسألة وُكِلْت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها)) رواه البخاري ومسلم.

وقال ((إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة)) رواه البخاري.

وقال سفيان الثوري: من طلب الرياسة قبل مجيئها فرت منه، وفاته خير كثير.

8-الدين النصيحة

وهذه قاعدة من أعظم قواعد التعامل مع الناس، وهي تحتاج إلى وقفات للتأمل فيها:-

ففي صحيح مسلم عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة)) ثلاثا. قلنا: لمن؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)).

ولكن ينبغي أن يراعي المسلم آداب النصيحة ومن أهمها: النصيحة في السر، قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:

تعهدني بنصحك في انفراد    وجنبني النصيحة في جماعة

فإن النصح بين الناس نوع     من التوبيخ لا أرضى استماعه

 

 

 

وللإمام ابن رجب الحنبلي كتاب قيم اسمه: الفرق بين النصيحة والتعيير.

9-فقولا له قولاً ليناً

 

وفي هذا توجيه عظيم من الله تعالى إلى اللين في القول مع كل أحد - مهما بلغ في درجة الفجور- ولو كان مثل فرعون، فالقائل مهما كان لن يكون أفضل من موسى وهارون عليهما السلام، والفاجر ليس بأخبث من فرعون، وقد أمرهما الله تعالى باللين معه.

قال طلحة بن عمر: قلت لعطاء: إنك رجل يجتمع عندك ناس ذوو أهواء مختلفة، وأنا رجل فيّ حدة فأقول لهم بعض القول الغليظ، فقال: لا تفعل! يقول الله تعالى: )وقولوا للناس حُسْنا(. فدخل في هذه الآية اليهود والنصارى، فكيف بالحنيفي ؟.

10-أَحِبَّ للناس ما تُحِبُّ لنفسك

 

عن أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَأْخُذُ عَنّي هَؤُلاَءِ الكَلِمَاتِ فَيَعْمَلُ بِهِن أو يُعَلّمُ مَنْ يعْمَلُ بِهِنّ؟» فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فقُلْتُ أَنَا يَا رَسُولَ الله. فَأَخَذَ بِيَدِي فعَدّ خَمْساً وَقَالَ: «اتّقِ المَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النّاسِ، وَارْضَ بِما قَسَمَ الله لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النّاسِ، وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِناً، وَأَحِبّ لِلنّاسِ ما تُحِبّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِماً، وَلاَ تُكْثِرِ الضّحِكَ فَإِنّ كَثْرَةَ الضّحِكِ تُمِيتُ القَلْبَ». رواه الترمذي.

قوله صلى الله عليه وسلم: ((وأحب)): أي ارْضَ ((للناس ما تحب لنفسك)): من الخير ((تكن مسلماً)): كامل الإسلام، بأن تحب لهم حصول ما تحبه لنفسك ؛ فإن انتفت المحبة – لنحو حقد أو غل أو حسد - انتفى عنه كمال الإيمان.

قال السدي: لي ثلاثون سنة في الاستغفار عن قولي الحمد لله، وذلك أنه وقع ببغداد حريق فاستقبلني رجل فقال: نجا حانوتك، فقلت الحمد للّه، فمذ قلتها فأنا نادم، حيث أردت لنفسي خيراً دون المسلمين.

11-من كثر عتابه قلَّ أصحابه

 

قال بشار بن برد:

إذا كنت في كل الأمــور معاتبـا   صديقك لم تلق الذي لا تعـاتبه

فعش واحدا أو صـل أخـاك فإنه   مقـارف ذنب مرة ومجـانبه

وإن أنت لم تشرب مراراعلى القذى   ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه

وما الشكل إلا حسن ظن بصاحـب   خذول إذا ما الدهر نابت نوائبـه

ومن ذا الذي ترضى سجـاياه كلها   كفى بالمرء نبلا أن تعد معـايبه

 

 

 

 

قال ابن المبارك: المؤمن طالب عذر إخوانه ، والمنافق طالب عثراتهم

وعنْ عَائِشَةَ قالَتْ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إلاّ الْحُدُودَ" رواه أبو داود وغيره، وذوو الهيئات هم من لم يظهر منهم ريبة.

وقال الشعبي: من استقصى عيوب إخوانه بقي بلا صديق.

12-وشاورهم في الأمر

أخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال: ما رأيت أحدا من الناس أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرج ابن عدي والبيهقي - بسند حسن - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال "لما نزلت )وشاورهم في الأمر( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أما إن الله ورسوله لغنيان عنها، ولكن جعلها الله رحمة لأمتي، فمن استشار منهم لم يعدم رشدًا، ومن تركها لم يعدم غيًّا".

قال قتادة: الرجال ثلاثة: رجل، ونصف رجل، ولا شيء، فالرجل هو من كان له عقل ورأي (مشورة) ينتفع به، ونصف الرجل هو الذي يشاور العقلاء وينتفع برأيهم، والذي لا شيء هو الذي لا عقل له، ولا رأي له، ولا يشاور أحداً.

13-من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه

 

وهذه أيضاً قاعدة عظيمة في التعامل مع الناس تريحك، وتريح من يتعاملون معك.

وهذا الحديث هو أحد الأحاديث التي يدور عليها الدين، وقد رواه ابن حِبَّان عن أبي هريرة رضي الله عنه،ورواه أحمد عن الحسين بن علي رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من حسن إسلام المرء قلة الكلام فيما لا يعنيه)).

وقد حكى الإمام أبو عمرو بن الصلاح عن أبي محمد بن أبي زيد -إمام المالكية في زمانه - أنه قال: جماع آداب الخير وأزِمَّته تتفرع من أربعة أحاديث: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت))، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه))، وقوله صلى الله عليه وسلم للذي اختصر له في الوصية: ((لا تغضب))، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه)).

15-خالط الناس و لكن لا تكن إمَّعة

 

فكما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((المؤمن الذي يخالط الناس و يصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس و لا يصبر على أذاهم  .)) صحيح الجامع برقم 6651، ولكن من ضوابط هذه المخالطة أن تكون مؤثراً لا متأثراً فعن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تكونوا إمَّعة تقولون: إن أحسن الناس أحسنَّا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا)) رواه الترمذي.

قال عبد الله بن مسعود: لا يكونن أحدكم إمعة قالوا: وما الإمعة يا أبا عبد الرحمن ؟ قال: يقول: إنما أنا مع الناس إن اهتدوا اهتديت وإن ضلوا ضللت. ألا ليوطن أحدكم نفسه، إن كفر الناس أن لا يكفر.

16-المجالس بالأمانة

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((المجالس بالأمانة، إلا ثلاثة مجالس: سفك دم حرام أو فرج حرام أو اقتطاع مال بغير حق)) رواه البيهقي وأبو داود وأحمد.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما يتجالس المتجالسون بأمانة الله، فلا يحل لأحدٍ أن يفشي عن صاحبه ما يكره)) وهو مروي في الجامع لمعمر بن راشد.

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا حدث الرجل بحديث ثم التفت فهي أمانة)) رواه الطبراني في المعجم الأوسط.

17-إياك وما يُعتذر منه

 

أخرج الطبراني عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إياكم والطمع فإنه الفقر الحاضر، وإياكم وما يعتذر منه".

وقال ذو النون: ثلاثة من أعلام الكمال : وزن الكلام قبل التفوه به، ومجانبة ما يحوج إلى الاعتذار، وترك إجابة السفيه حلمًا عنه.

وأخرج ابن عساكر عن ميمون بن مهران قال: قال لي عمر بن عبد العزيز: احفظ عني أربعًا:-لا تصحب سلطانًا وإن أمرته بمعروف ونهيته عن منكر ولا تخلون بامرأة ولو أقرأتها القرآن، ولا تصلنَّ من قطع رحمه فإنه لك أقطع، ولا تتكلمن بكلام تعتذر منه غدًا.

18-ما بال أقوام يفعلون كذا

 

والمراد من ذلك أنك يمكنك أن تبين لصاحب الخطأ خطأه دون التصريح المباشر فكل لبيب بالإشارة بفهمُ ،

فكم من مرة قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم : (( ما بال أقوام )) دون التصريح بالأسماء وذلك ليعطي المخطىء فرصة للرجوع دون ان يعرف الناس أمره فيفتضح ولربما جرأه ذلك على الخطأ ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم :

- عن عائشة رضي الله عنها قالت :كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن الرجل شيء لم يقل  :  ما بال فلان يقول  ؟  و لكن يقول  :  ما بال أقوام يقولون كذا و كذا  .

وقال : ((أما بعد فما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله .. الحديث)) .  صحيح

- وقال : ((ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه  ؟   !  فوالله إني لأعلمهم بالله و أشدهم له خشية  . ))

 

أخرج البخاري ومسلم عن عائشة "أن ناسًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر؟ فقال بعضهم: لا آكل اللحم، قال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا أنام على الفراش، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما بال أقوام يقول أحدهم كذا وكذا، لكني أصوم وأفطر، وأنام وأقوم، وآكل اللحم، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)).

وأخرج البخاري عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم)) فاشتد في ذلك حتى قال: ((لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم)).

19-قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب

 

أخرج أبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا زعيمٌ ببيتٍ في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا، وببيتٍ في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وببيتٍ في أعلى الجنة لمن حسن خلقه))

ولهذا قيل: قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب.

20-أحبب حبيبك هوناً ما..

 

عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: «أْحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْناً ما، عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْماً ما، وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْناً ما عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْماً ما».

وروي بطرق مرفوعة، والصحيح أنه موقوف على علي رضي الله عنه وفي معناه قول بعضهم: لا يكن حبك كلفًا، ولا بغضك تلفًا.

وأخرج الخرائطي عن الحسن: تنقوا الإخوان والأصحاب والمجالس، وأحبوا هونًا، وأبغضوا هونًا، فقد أفرط أقوام في حب أقوام فهلكوا، وأفرط أقوام في بغض أقوام فهلكوا.

وما أحسن ما أخرجه الرافعي عن أبي إسحاق السبيعي من أنه قال: كان علي بن أبي طالب يذاكر أصحابه وجلساءه في حسن الأدب بقوله:

وكن معدنا للخير واصفح عن الأذى   فإنك راء ما عمـلت وسـامع

وأحبـب إذا أحببـت حبا مقـاربا    فإنك لا تدري متى أنت نـازع

وأبغض إذا أبغضت بغضـا مقاربا   فإنك لا تدري متى الحـب راجع

 

 

 

21-إن من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله تعالى

 

وهذه قاعدة من أهم القواعد عند التعامل مع الناس

عن أبي سعيد مرفوعاً: ((إن من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله تعالى، وأن تحمدهم على رزق الله، وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله ، إن رزق الله لا يجره حرص حريص ، ولا يرده كراهية كاره))

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "اليقين ألا ترضي الناس بسخط الله، ولا تحسد أحداً على رزق الله ، ولا تلوم أحداً على ما لم يؤتك الله".

22-تهـادوا تحـابُّوا

 

حديث ((تهادوا تحابوا))،أخرجه البخاري في كتاب الأدب المفرد، والبيهقي من حديث أبي هريرة بسند جيد.

قال تعالى حكاية عن بلقيس: )وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ( [النمل: 35].

كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية، ويثيب عليها. ولا يقبل الصدقة وفيه الأسوة الحسنة، وكذلك كان سائر الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين.

فالهدية مندوب إليها، وهي مما يورث المودة ويذهب العداوة؛ روى مالك عن عطاء بن عبد الله الخراساني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا، وتذهب الشحناء))

ومن فضل الهدية - مع اتباع السنة - أنها تزيل حزازات النفوس، وتُكسب المُهدي والمُهدى إليه زينة في اللقاء والجلوس. ولقد أحسن من قال:

هدايا النـاس بعضـهم لبعض تـولد في قلوبهم الوصـالا

وتزرع في الضمير هوى وودا وتكسبهم إذا حضـروا جمالا

 

 

 

 

23-أفشوا السلام بينكم

 

فإلقاء السلام يبعث على محبة الناس لك والعكس بالعكس.

ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا. أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم)).

وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن عبد الله بن سلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام)).

 

 

24- سكوتك عن السفيه جواب

 

يقول الإمام الشافعي

 

يخاطبني السفيه بكل قبح      فأكره أن أكون له مجيبا

يزيد سـفاهة فأزيد حلمـا    كعود زاده الإحراق طيبا