طباعة هذه الصفحة
- 67961 زيارة

الفحص المهبلي والتحاميل المهبلية مميز

بقلم الدكتورة فاطمة النمر استشارية أمراض النساء والتوليد

تكثر أسئلة النساء وكذلك أطباء النساء والتوليد عن حكم الفحص المهبلي في نهار رمضان فهل هذا الأمر يفسد صيام المرأة ؟

الجواب الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد فعملية الفحص المهبلي تكتنفها عدة أمور :

 الأمر الأول : أن الفحص المهبلي سواء كان بطريقة يدوية أو عبر إدخال بعض آلات الفحص كمنظار عنق الرحم أو المبعدات فإنه يعني إدخال أو إيصال جرم إلى جوف من الأجواف وهو عند بعض الفقهاء يعتبر مفطرا ولكن خالفهم عدد من محققي الفقهاء في اعتبار مبدأ وصول الأعيان إلى الأجواف وما هي الأجواف المعتبرة .

الصورة مأخوذة عن موقع www.nadkarnigroup.com

مقطع يبين إحدى الآلات الطبية وقد تجاوزت قناة المهبل قاطعة طريقها عبر قناة عنق الرحم

كما ينبغي الانتباه إلى أن منطقة فرج المرأة يحب أن نفرق فيها  بين ثلاثة أشياء:
1- مخرج البول: وهو يتصل بالمثانة – مثل إحليل الرجل – وهذا يأخذ حكم  الإحليل أي قناة مجرى البول ، وهو صحة الصوم مع إدخال شيء في هذا المكان، لأن المثانة عضو طارد وليست عضواً مستقبلاً.
2- مهبل البكر: ويسده غشاء البكارة، الذي يسمح بخروج دم الحيض، ولا يسهل أن يمر منه شيء إلى الداخل، والصحيح أن له نفس حكم  الإحليل.
3- مهبل الثيب: وهو عبارة عن قناة عضلية لها فتحة خارجية، وتمتد نحو عنق الرحم، وما يصب فيه يمكن أن يصل إلى أعلى الرحم وهذا هو الذي يدور حوله الكلام  .

فعملية الفحص تكتنفها عدة أمور :...

الأمر الثاني : ما يعنيه الفحص من خدش لحرمة الشهر.

الأمر الثالث : ما إذا كان القائم بالفحص طبيب وليس طبيبة .

وعلى أي حال نحن مع الفريق الذي لا يؤيد توسيع دائرة المفطرات وعليه فإنني أوافق من قال من الفقهاء بعدم إفطار الصائم إذا ا وصل شيئ إلى بعض الأجواف لأن هذا الرأي سيوجب على من داوى المأمومة والجائفة أن يفطر وعلى من وضع قطرة في أذنه أو عينه أن يفطر وعلى من داوى الإحليل أن يفطر  وهكذا حتى من وضع عود قطن ينظف به داخل أذنه أن يفطر.

وقد كان من قرارات مجمع الفقه الإسلامي في دورته العاشرة المنعقدة في جدة خلال الفترة من 23 - 28 صفر 1418 هـ ( 28 يونيو - 3 يوليو 1997 م ) ان الأشياء التالية لا تفطر وهي :

[ ما يدخل المهبل من تحاميل ( لبوس ) ، أو غسول ، أو منظار مهبلي ، أو إصبع للفحص الطبي وكذلك إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم.]

ولكن المجمع أهاب بكل مسلم أن يتوخى الورع  والتحفظ في كل المسائل الخلافية فجاء في نص الفقرة "ثانيا " من قرارا المجمع ما يلي :  (: ينبغي للطبيب المسلم نصح المريض بتأجيل مالا يضر تأجيله إلى ما بعد الإفطار من صور المعالجات المذكورة فيما سبق )

كما أفتى فضيلة الشيخ الشيخ عطية صقر حفظه الله  بأنه : [لا يبطل الصوم بالفحص المهبلي أو الكشف على البواسير الداخلية] .

وهنا يأتي سؤال عن حكم الصيام بالنسبة للممرضة التي تقوم بتركيب اللولب أثناء عملها؟

وقد أجاب فريق القتوى بالشبكة الإسلامية بقطر  فقالوا:
[قيام الممرضة بتركيب اللولب أثناء عملها لا يفسد صومها، لعدم ورود الدليل بفساد صوم من نظر إلى عورة غيره، والأصل بقاء الصوم.]

ولكن كان لمفتي الشبكة بعض التحفظ على مبدأ تركيب اللولب –وهو ليس محل المناقشة في حلقتنا وموضوعنا ولذا فنحن نشير إلى ما قاله من باب أمانة النقل حيث قال :
وننبه هذه الممرضة وغيرها إلى أنه لا يجوز تركيب اللولب للنساء، إلا لمن اضطرت إلى ذلك، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 4219
والله أعلم

وهناك سؤال مهم في هذا الشأن  وهو : هل الاستنجاء بالماء يبطل الصوم إذا دخل الماء إلى فرج المرأة؟
والجواب : أن استنجاء المرأة، لا يفسد الصوم، وما يدخل في فرجها من الماء لا يصل إلى جوفها، بالإضافة إلى أنه لا يتضمن أي معنى من معاني الأكل والشرب

وعليه فإننا نقول إن الفحص المهبلي  وإدخال آلات الفحص إلى المهبل من وإلى عنق الرحم أو إلى الرحم كل هذا لا يفطر ما لم يصاحبه تركيب محاليل للتغذية وهو أمر مستبعد موضعيا في ذلك المحل لكن ربما يصاحب الإجراء الفحصي أو الجراحي عن طريق تركيب تلك المحاليل عن طريق الوريد .

ولكن على المرأة أن تدرك وتعي أن بعض العلماء رأو أنها تفطر بهذا .

 وبذا تكون الخلاصة أنه ما لم تكن هناك ضرورة قصوى للفحص المهبلي في نهار رمضان فإنه يفضل تأجيله إلى الليل مراعاةً لحرمة الصيام واحتراماً  لأقوال العلماء وخروجاً من الخلاف وطلباً للأحوط ودفعاً للشبهات والله تعالى أعلى وأعلم.

كما لا يفوتني هنا أن أنبه على بعض الأخلاقيات الشرعية والطبية في قضية فحص  ومداواة الطبيب الرجل للمرأة  سأنقلها لكم أخي القارئ وأختي القارئة من كلام لطيف  للشيخ محمد بن صالح المنجد ضمن فعاليات دورة الإعداد الدعوي للعاملين في المجال الطبي التي نظمتها لجنة أطباء الحرمين حيث قال في جزء من توصيات تلك الدورة  : [ وعلى الطبيب أن يراعي القواعد الشرعية في العلاج من جهة الترتيب، فالمرأة المسلمة على سبيل المثال تعرض على الطبيبة المسلمة أولاً فإن لم توجد فالطبيبة الكتابية ولو كانت كافرة، ثم الطبيب المسلم ثم الطبيب الكافر،وهذه هي التقوى التي تجعل الطبيب المسلم لا يكشف مالا تدعو الحاجة إلى كشفه من العورات.

وإذا كشف الطبيب الرجل على امرأة لضرورة فليكن هذا الكشف بحضرة محرمها، وإن كان لا يحتاج إلى اللمس فإنه لا يلمس أو يكون اللمس من وراء حائل كالقفاز مثلاً.

 الطبيب المسلم التقي هو الذي يراعي تحرج المرأة المسلمة فلا يهجم عليها هجوماً أو يتبرم و يتأفف إن حصل من المرأة شيء من التمنع ، خصوصاً هذه المرأة المسلمة التي تخشى الله ولا تريد أن تكشف من جسمها شيئاً بسرعة، وبعض الأطباء ربما يتبرم بل إن أحد الفسقة من الاستشاريين إذا تمنعت المرأة المسلمة عنده من الكشف وتحرجت أغلق ملفها من المستشفى ، هذا الطبيب المسلم حقاً هو الذي لا يكشف عن موضع لا يحتاج إلى كشفه وهو الذي يقدر الضرورة بقدرها فإن كانت القضية لا تحتاج إلى كشف العضو كاملاً كشف عن الجزء من العضو فقط، فهو لا يتساهل خصوصاً في مواضع العورة المغلظة] .

وفيما ذكرته كفاية وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم