- 2410 زيارة

اعترافات شاب قهر الهيروين أنموذج لشاب استعاد كرامته بعد أن فقدها مع الهيروين

قيم الموضوع
(0 أصوات)

اعترافات شاب قهر الهيروين    أنموذج لشاب استعاد كرامته بعد أن فقدها مع الهيروين

هذه القصة ننقلها لكم عن مجلة الدعوة التي تصدرها وزارة الأوقاف القطرية

كنت أعمل مضيفاً جويا، في رحلة من رحلاتي إلى مدينة (×××) وفي أحد فنادقها الفاخرة كان أول لقاء لي مع المسحوق الأبيض، الذي سيجعلني كالفراشة ـ هكذا قالوا لي ـ لم أكن أعلم خطورة ما أفعل.. ولا أدري هل أصبحت كالفراشة أو الحمار … من هنا بدأت الكارثة … لقد تمكن هذا المسحوق مني … ولم أعد قادراً على مقاومته. من أنا؟ أنا شاب من أسرة محافظة.. حبانا الله بوالد لا يعرف للعطاء حدوداً … وأم لا تعرف للحنان نهاية … شقيقي الأكبر ضابط شرطة يحفظ القرآن الكريم، وشقيقي الأصغر طبيب، وأخواتي كلهن متزوجات، وكلهن على خلق. زوجتي من بيت كريم … وملأت طفلتنا الجميلة البيت سعادة علينا … ادخرت الآلاف ووضعتها في البنك، وديعة أرصدها لزواج ابنتي في المستقبل.    

فراشة أم حمار؟

عشنا في سعادة حتى كانت تلك الليلة التي لا تنسى، فبعد أن تناولت ذلك السم الأبيض … استيقظت من النوم مرهقا أريد أن أنام حتى الموت … ولكني كنت مرتبطا بموعد إقلاع الطائرة.. لا أدري … لماذا مددت يدي إلى هذا المسحوق اللعين، وتناولت منه جرعة ثانية، ثم ثالثة، كنت أتعاطى جرعة يومية حتى انتهت الكمية التي كانت بحوزتي.. جاء يوم واحد لم أتعاط فيه، فأحسست بالألم الشديد في كل مفاصلي، وبرغبة عارمة في الانتحار. أحد الركاب يناديني، لا أسمعه، أ ربما كنت أسمعه ولا أكترث، وتوافق ذلك مع مرور قائد الطائرة الذي نظر إلي مليا ثم سأل في تأنيب: أنت مدمن؟ فقلت له: أي إدمان تتحدث عنه؟ فقط أشعر بآلام مبرحة في معدتي …صدقني قائد الطائرة،  وطلب مني الجلوس في مقعدي، ورحت في نوم عميق … هبطت الطائرة، وعدت إلى بيتي وكلمة ((أنت مدمن؟)) تدق في أذني.

الانهيار

حصلت على إجازة خمسة أيام، قضيت اليوم الأول منها نائما.. استيقظت لأجد ابنتي بجواري، أحسست أنني أسرق منها السعادة، وأنني لم أعد فخراً لها … تحركت رجولتي فقمت غاضباً وألقيت بالسم من النافذة.. شعرت بالسعادة واحتضنت ابنتي، وابتسمت في وجه زوجتي الفاضلة، وقررت الذهاب إلى الشركة … ولكن.. لحظات وانتابني الألم … خرجت كالمجنون أبحث عن المسحوق الذي ألقيته في الشارع فلم أجده … اتجهت فوراً إلى منطقة مشهورة بترويج هذه السموم … وهناك التقيت برجل … سألني: هيروين؟ نعم. أعطيت الرجل كل ما معي من مال، واستعدت السم من جديد … تناولته واختفى الألم. أمر حدث في البيت لأول مرة.. زوجتي تقول لي: لا يوجد في البيت مصروف ـ لم يكن معي إلا تلك الوديعة التي وضعتها لابنتي للمستقبل، أسرعت إلى البنك، وحولتها إلى حسابي الجاري، وجئت للبيت بمصروفه، ومكنني ذلك أيضا من الحصول على جرعاتي.

وخسرت عملي

في طريقي إلى الطائرة طلب مني القائد عدم ركوب الطائرة قال: لا أشك في كونك مدمنا، وهذا خطر على حياة الركاب. حاولت أن أثور … قال: الثورة ليست في صالحك.. استدعاني رئيس الشركة قائلا في حزم: قدم استقالتك … لماذا؟ … أنت تعرف.. حاولت أن أعارض، وجدت نفسي أمام اختيار صعب: الانسحاب في هدوء، أو التحقيق معي بتهمة ركوب الطائرة في حالة إدمان ثم الخروج من الشركة بفضيحة. قدمت استقالتي … انتابتني مشاعر متضاربة.. القلق.. الخوف من الفضيحة … الشعور باللامبالاة.. انطلقت بسيارتي إلى تاجري المفضل، واشتريت كمية من الهيروين … دخلت بيتي.. ابنتي ترفع يديها لأحتضنها.. تركتها.. بكت … أغلقت غرفتي بالمفتاح … تناولت السم الأبيض … وزوجتي تطرق الباب.. لماذا عدت مبكراً؟ … لا أريد أية أسئلة.. اذهب إلى طبيب يعالجك من الإدمان ـ ثرت من هذا الاتهام. تحولت إلى وحش في البيت يكسر كل شيء.

المضيف يتسول

لم يعد لي دخل أنفق منه.. كنت أسرق محتويات البيت لأشتري المسحوق.. وقبل الأثاث بعت السيارة، وقبلها أنفقت الوديعة. أخذت زوجتي طفلتنا وتركت البيت.. بقيت وحدي.. لم يكن هناك ما يمكن بيعه. كنت في حاجة ماسة إلى المال، لم يكن أمامي إلا التسول. وفي اليوم الأول مددت يدي إلى سيارة بداخلها رجل وامرأة ـ كنت في شكل مهين حقاً ـ نظر إليَّ الرجل طويلا، تذكرته، إنه زميل لي في شركة الطيران، وهذه زوجتي, هل عرفني؟؟ مصيبة فعلا إذا عرفني … عدت إلى البيت المهجور … جلست وحدي , وبكيت لأول مرة منذ أن عرفت الهيروين، وقررت التوقف … ولكن كيف؟؟؟

طريق النور

ساقني قدماي إلى محطة الحافلات، وانطلقت إلى منطقة جديدة في … أسمع أنها خالية تماما من المخدرات … نزلت من السيارة جائعا متعطشا بشدة إلى السم الأبيض.. أين أذهب؟ لا أصدقاء ولا مال … في المسجد نظر المصلون إليَّ بعناية … تقدم مني شاب وسألني عن اسمي، وسبب حضوري فقلت: تعبت من زحام المدينة … جئت للعمل هنا.. وما عملك سابقا؟ لا شيء يذكر.. ولكن لي دراية قديمة بالزراعة … في بيت الله كان لقائي بأول أمل.. وفي بيت الله بكيت كثيرا ندما وتوبة.

مع كتاب الله

عرض علي الشاب العمل في مزرعته … وافقت.. سألني عن الأجر.. قلت: كتاب الله … لا أريد منك إلا أن تعطيني كتاب الله أقرأ فيه … ومكانا أبيت فيه، وقليلا من الغذاء يكفيني. في اليوم الأول: أغلقت علي الباب … وانطلقت الآلام تعربد في جسدي.. وأنا حبيس صرخاتي … أمزق جسدي بأظفاري. مرت لحظات بين الجولة الأولى لانقضاض الألم على جسدي الضعيف وبين الجولة الثانية … تمكنت خلالها من فتح كتاب الله أمامي وتلاوة آياته الكريمة.. وكلما اشتدت الآلام، ارتفع صوتي بالتلاوة، وبدعاء الله أن ينقذني … معركة شرسة لا تهدأ.. لا أدري كم استغرقت هذه المعركة: ساعة … ساعتين … يوماً كاملا … ربما عدة أيام … رحت في نوم عميق … شاهدت في نومي وحوشاً غريبة لها رؤوس كثيرة تحملها رقبة واحدة.. حيوانات مرعبة تقرض جسدي … استيقظت لأجد الشاب بجواري يخبرني بأنني أصبت بالحمى، وأنني قضيت ثلاثة أيام في هذيان، وأن طبيبا ظل بجانبي خلالها … وأنني كنت أتصبب عرقاً كثيراً، وأعطيت المحاليل حتى يبقى الماء في جسدي… وأوصاني قائلاً: الحمى تحتاج إلى غذاء، ثم انصرف.

هذا علاجي

بعد لحظات بدأت المعركة الشرسة … بين مقاومة جسدي لاحتياجه للسم اللعين، وبين الآلام المبرحة التي تركها هذا السم.. وعدت إلى كتاب الله أقرأ بصوت عال، كلما اشتدت الآلام، أتوسل إلى العلي القدير أن يوقف هذه السكاكين التي تقطع جسدي. وإذا بي أمام أية من كتابه العزيز: )وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ( [النحل: 68-69]. توقفت طويلا عند هذه الآية.. نظرت إلى طبق العسل أمامي، وأجبرت نفسي على تناوله كله …، أحسست بعدها بارتياح قليل، جاء الشاب ومعه الغذاء، وهو من إنتاج المزرعة: خضراوات مطبوخة، ودجاجة مسلوقة، وفاكهة، غضب عندما رآني لم أتناول من الإفطار غير العسل، فقلت له: أرجوك لا أريد غير العسل، فإنه علاجي، فقال: سآتيك به دائماً.

الشيطان يستعد للرحيل

مرة أخرى، لا أدري كم قضيت مع تلك الكوابيس التي تتلاحق واحد وراء الأخر، أحسست أن المسحوق اللعين شيطان في جسم الإنسان يخرج بصعوبة.. ولكنني أفضل الموت الآن على الإقدام عليه مرة أخرى.. أمر آخر نبه حواسي، وأثار نخوتي، وشجعني على مواصلة الرحلة الأليمة، هو أنني تذكرت اليوم ـ فقط ـ ابنتي الصغيرة وعائلتي.. أديت صلاة العشاء، وجلست أتلو آية من القرآن الكريم، ثم واجهت امتحانا صعبا.. لقد اشتدت الآلام في جسدي، كما لم تشتد من قبل، دخلت معركة كتمان الصراخ، لكن تركت دموعي تنهمر بلا حواجز، أفرغت أنهاراً من الدموع.. لعنت الشيطان الكائن في جسدي.. توسلت إلى الله أن يريحني منه فقد أنهكني تماماً .. ثم أنزل الله عليَّ نوماً عميقاً أحسست بعده أن الشيطان بدأ يستعد للرحيل.

العودة إلى الحياة

ظل هذا الصراع ممتداً نحو خمسة عشر يوماً، بعدها خف الألم، وجف العرق، وتوقفت الدموع. طلبت من صاحب المزارعة أن أبدأ العمل.. بعد صلاة الفجر وتناولت العسل كنت أتلو القرآن الكريم حتى بزوغ الشمس، ثم أخرج إلى المزرعة أسقي الزرع، وأسقي القنوات … فإذا شعرت بالإرهاق عدت لغرفتي لأنام. في البداية كنت أنام كثيراً.. ثم قل النوم رويداً، وبعد عدة شهور أحسست  أن الشيطان قد خرج من جسدي تماماً. جلست مع صاحب المزرعة أروي له حكايتي.. وكانت مفاجأة لي أنه كان يعلم من الطبيب أنني  جئت فراراً من الإدمان !! بعد ستة أشهر أعطاني صاحب المزرعة مبلغاً سخياً من المال اشتريت به أرضاً زراعية بدأت بها مشروعاً جديداً لي.. مر عام على استلام الأرض.. وقد شفيت تماماً.. أصبح لدي بيت بلا أسرة، وأرض جديدة، ومال وفير. وأخذني الحنين إلى الأحبة.

وكان اللقاء

في الطريق تصورت أشياء كثيرة.. هل تمكنت زوجتي من الحصول على الطلاق، وتزوجت برجل آخر؟ أرعبني هذا التصور.. لكن ألم أقل لكم إنني تزوجت امرأة فاضلة لقد وجدت الزوجة تعيش مع أبيها، وكانت في انتظاري.. قالت لي: كنت متأكدة أنك ستشفي بإذن الله، وستعود قويا منتصرا.. كان اللقاء حاراً بيني وبينها. سألتني: ماذا كان الدواء؟ قلت لها: كتاب الله.

 

 


Top