- 2426 زيارة

كرامة الإنسان وإطلالة على مسألة شهيدة الحجاب - حرية ارتداء ما ترتاح إليه النفس من أزياء وملابس

قيم الموضوع
(0 أصوات)

كرامة الإنسان وإطلالة شرعية في مسألة شهيدة الحجاب

حرية ارتداء ما ترتاح إليه النفس من أزياء وملابس

 

نعيد هنا نشر ما سبق ان نشرناه حول مسألة حرية ارتداء ما ترتاح اليه النفس من ازياء وملابس والضوابط الشرعية التي تذكر في مثل هذا المقام

وسبب اعادتنا لنشر هذا المقال هو الألم الكارثي الذي أصاب الأمة بسبب مقتل امرأة مسلمة على يد متطرف متعصب وليس لها ذنب إلا أنها قالت ربي الله وتحملت سب واستهزاء ذلك المتطرف المتعصب لحجابها ولدينها .

ولما طلبت أن تسلك القنوات الرسمية المشروعة كان نصيبها القتل في المحكمة وأمام أعين القضاة والشرطة لتطعن 12 طعنة ولا يتحرك ساكن لأحد ، وعجبا لكرامة الإنسان التي دفنت تحت التراب في بلاد تشدقت مرارا وتكرار بالديمقراطية والحرية وكرامة الإنسان!!!

 

إن ارتداء ما تميل إليه النفس من أزياء وملابس أمر تقره الفطرة السوية للإنسان ؛ فكل بني قوم يعتزون بأزيائهم وملابسهم ويعدُّون ذلك تعبيرا قويا عن هويتهم  وشخصيتهم وانتمائهم لأرضهم ووطنهم 

بل إن محاولة إجبار الإنسان على التخلي عما ألِفهُ من أزياء وملابس يعتبر نوعا من محاولات هدم كرامة ذلك الإنسان ، وقد أقر الإسلام حق الإنسان  في ارتداء  ما ترتاح إليه نفسه من أزياء وملابس ضمن ما تقره الشرائع السماوية والأعراف الدولية والمحلية لكل بني قوم ، فليرتدِ الإنسان ما شاء طالما كانت العورات في ستر ومفاتن الجسد التي تثير الشهوات غير بادية ، فالحرية هنا قد َتَدخَّلَ الإسلام في ترشيدها  وأنار  للإنسان طريقه في هذا الشأن ودلَّه على ما ينفعه وحثه عليه وحذره مما يضره ويضر غيره ونهاه عنه ...لماذا ؟ ..لأن الإنسان لا يعيش وحده على هذه الكرة الأرضية بل يشاركه فيها  آخرون ، فليقف المرء عارياً كما يشاء إذا كان وحده أو في الخلاء أو حال الاغتسال أو يستره ماء البحر او النهر أو بين جدران غرفته التي يستتر بها أو في خلوته مع زوجته فهو هنا حر في هذا الأمر لا يمنعه من ذلك إلا الحياء الشخصي من كونه متجردا ، ولكن لا يجوز له تحت مسمى الحرية الشخصية أن يتجرد من ثيابه ويتعرى أمام الآخرين فيخدش بذلك حياءهم ويؤذيهم ، فهنا تتجلى معاني الحفاظ على الكرامة الإنسانية في الحفاظ على حق الآخرين ولو على حساب رغبة فردية أو نزعة أنانية من قلة في  المجتمع  يعتقدون أن الحرية تعني العربدة والانطلاق في الأرض على أي صورة كانت ، مثل هذا الذي يشاهد فيما يسمى  بنوادي العراة ، فالإسلام يرفض هذا النوع من الحرية حتى لو تراضى القوم جميعهم على تواجدهم عراة جميعا في تلك النوادي مدعين أنهم جميعا راضون بهذا وأنه لا حياء يخدش في مثل تلك النوادي ..هنا يتدخل الإسلام في الحفاظ على كرامة الإنسان من نفسه الأمارة بالسوء فحتى وإن تراضى القوم على التعري فإن الإسلام يمنعه وليس هذا حجرا على الحريات إنما هو عين الحفاظ على الحريات من ذل استعباد الشيطان للنفوس وأسرها بأغلال الشهوات ، فكم من نفوس كريمة لوثت ودنست في مثل تلك الأوكار تحت مسمى الحرية الشخصية فانحطت إلى رتبة الحيوانات وصفات البهائم  بما فعلوه من تجردهم مما كان يسترهم ومشابهتم الحيوانات ، قال تعالى ممتنا على عباده بنعمة ستر العورات :

 { يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون} [ الأعراف : 26 ].

فلأن العقل البشري قاصر عن الإدراك الكامل  لحقيقة ما ينفعه وما يضره  كانت المعونة الإلهية للبشر بإرسال الرسل لدلالتهم على الخير وتحذيرهم من كل شر ، فالتراضي والتواطؤ على التعري – وإن كان يبدو في ظاهره نوعاً من الحرية الشخصية – إلا أنه ضرر محض بالبشر ولأجل ذلك حرمته الشرائع واستقذرته الفطر والطباع والأعراف السليمة ، يقول الله تعالى : {  وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [ البقرة : 216] وهذه هي عظمة الإسلام في الحفاظ الحقيقي على كرامة الإنسان .

وهذه الإجراءات التي اتخذها الإسلام في مسألة ستر العورات إنما كانت لمنع ضرر عظيم وهو ضرر شيوع الفاحشة ، فكم ممن وقع بصره على فتاة أبرزت مفاتنها فكانت النتيجة هي الوقوع في الفاحشة واغتصاب تلك الفتاة ، ولهذا كان التشديد القرآني في هذه المسألة في قوله تعالى : { إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخره والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [ النور : 19].

وقد أدركت تلك المرأة التي كانت تصرع أمر ستر العورات وراعها أن تنكشف عورتها حال يأتيها الصرع ، مما يدل على  عظيم شأن تلك المسألة عند كل من له مسكة من عقل أو دين أو مروءة ، وإن كنت تريد القصة بتمامها فإليك هي :

روى البخاري ومسلم وغيرهما عن عَطَاء بْن أَبِي رَبَاحٍ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَلا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى قَالَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي قَالَ إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ فَقَالَتْ أَصْبِرُ فَقَالَتْ إِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لا أَتَكَشَّفَ فَدَعَا لَهَا

 وقد عرفت العرب أن من شيم الكرام غض البصر وعدم تتبع عورات النساء ؛ قال عنترة :

وأغض طرفي ما بدت جارتي            حتى يواري جارتي مأواها

 وقال مسكين الدارمي :

أعمى إذا ما جارتي خرجت    حتى يواري جارتي الجدر

 وجاء أيضاً :

أعمى إذا ما جارتي خرجت      حتى يواري جارتي الستر

 

وقفة حول مسألة الدفاع عن الحريات:

 يعجب المرء ممن يدَّعون أنهم أهل الدفاع عن الكرامة والحريات ثم نراهم يجبرون المرأة المسلمة على أن تتجرد من  حجابها الذي هو حق لها بعدة اعتبارات :

 الاعتبار الأول : أنه جزء من أوامر دينها حيث أُمِرَتْ بذلك في قوله تعالى في الآية: 59 من سورة الأحزاب: { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما}

ومن حق أتباع كل دين أن ينفذوا تعاليم دينهم وتوجيهاته، وهذا أبسط معاني الكرامة الإنسانية.

 الاعتبار الثاني: أنه جزء من عادات وتقاليد مجتمعها العربي الشرقي المحافظ فهو زي المرأة العربية على مدى السنين، ومن أبسط مفاهيم الكرامة الإنسانية أن يعطى كل إنسان الحق في ارتداء ما يرتديه قومه وأهله وأبناء وطنه من أزياء.

 الاعتبار الثالث: هو اعتبار الحرية الشخصية التي ينادي بها من يدَّعون الدفاع عن الحريات، فلو كانوا صادقين في دعواهم لتركوا المرأة المسلمة  ترتدي حجابها كما يتركون الأخرى تتجرد منه ومن غيره، فهذا هو مفهوم الإنصاف لو كان عند القوم مثقال ذرة من إنصاف ، وهذا هو الميزان لو كان عند القوم ميزان عادل للحريات التي رفعوا شعارها حينما علت أصواتهم مدوية : للمرأة أن تلبسس ما تشاء  وتخلع ما تشاء ..ولكن اين هذا من  الواقع الذي نراه الآن حيث يسنون القوانين التي تضيق على المرأة المسلمة وتسلبها حقها  وحريتها في ارتداء حجابها  ؟؟!!

رحمك الله يا من كنت ضحية حقد حاقد وتعصب متعصب فاض قلبه بكراهية الحجاب ونسأل الله لك الجنة ونسِأل الله أن يجعل في مصرعك تبيانا لحقيقة هؤلاء الحاقدين الكارهين ، قال تعالى : { ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر } .. الآيات

كما نسأل الله أن تكوني سراجا يضيء الطريق أمام فتياتنا ونسائنا كي يلتزمن بحجابهن ويرين فيك قدوة وأسوة

اللهم ادخلها الجنة وارزقها منازل الصديقين والشهداء ومرافقة النبيين والصالحين وحسن أولئك رفيقا

 

 

Top